قال علي بن محمد بن سليمان: أبي يقول: كان المنصور شرط لأم موسى الحميرية أن لا يتزوج عليها، ولا يتسرى، وكتبت عليه بذلك كتاباً أكدته، وأشهدت عليه بذلك، فبقي مدة عشر سنين في سلطانه يكتب إلى الفقيه بعد الفقيه من أهل الحجاز وأهل العراق، وجهد أن يفتيه واحد منهم في التزويج، وابتياع السراري، فكانت أم موسى إذا علمت مكانه بادرته، وأرسلت إليه بمال، فإذا عرض عليه أبو جعفر الكتب، لم يفته، حتى ماتت بعد عشر سنين من سلطانه ببغداد، فأتته وفاتها وهو بحلوان، فأهديت إليه مائة بكر، وكان المنصور أقطع أم موسى الضيعة المسماة بالرحبة، فوقفتها قبل موتها على المولدات الإناث دون الذكور، فهي وقف عليها إلى هذا الوقت.
حدثنا يحيى بن الحسن عن محمد بن هشام قاضي مكة، قال: كانت الخيزران لرجل من ثقيف، فقالت لمولاها الثقفي: «إني رأيت رؤيا» ، قال: «وما هي» ؟ قالت: «رأيت كأن القمر خرج من قبلي، وكأن الشمس خرجت من دبري» ، قال لها: «لست من جواري مثلي، أنت تلدين خليفتين» . فقدم بها مكة، فباعها في الرقيق فاشتريت، وعرضت على المنصور فقال: «من أين أنت» ؟ قالت: «المولد مكة والمنشأ بجرش» .
قال: «فلك أحد» ؟ قالت: «ما لي أحد إلا الله، وما ولدت أمي غيري» ، قال: «يا غلام اذهب بها إلى المهدي وقل له: «تصلح للولد» ، فأتى بها المهدي، فوقعت منه كل موقع، فلما ولدت موسى وهرون، قالت: «إن لي أهل بيت بجرش» ، قال: «ومن لك» ؟ قالت: «لي أختان اسمهما