صلوات الله عليه» ؟ قالت: «بل صاحبة عبد الرحمن بن ملجم» . قال:
«أليس هو قتل علياً» ؟ قالت: «بل مات بأجله» . قال: «والله إني كنت أحب أن أراك فلما رأيتك نبت عيني عنك، وما ومقك قلبي، ولا احلوليت في صدري» ، قالت: «أنت والله قصير القامة، صغير الهامة، ضعيف الدعامة» ، كما قيل: «لأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» . فأنشأ كثير يقول:
رأت رجلاً أودى السفار بجسمه ... فلم يبق إلّا منطق وجناجن
قالت: «لله درك ما عرفت إلا بعزة تقصيراً بك» ، قال: والله لقد سار لها شعري، وطار بها ذكري، وقرب من الخلفاء مجلسي، وإنها لكما قلت فيها:
وإن خفيت كانت لعينيك قرةً ... وإن تبد يوماً لم يعمك عارها
من الخفرات البيض لم تر شقوةً ... وفي الحسب المحض الرفيع نجارها
فما روضةٌ بالحزن طيبة الثرى ... يمج الندى جثجاثها وعرارها «1»
بأطيب من فيها إذا جئت طارقاً ... وقد أوقدت بالمندل الرطب نارها «2»
قالت: «والله ما سمعت شعراً أضعف من شعرك هذا، والله لو فعل هذا بزنجية طاب ريحها. ألا قلت كما قال امرؤ القيس:
ألم تر أني كلما جئت طارقاً ... وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
قال: «فلله در بلادك» ، وخرج وهو يقول:
ألحق أبلج لا تزيغ سبيله ... والحق يعرفه ذوو الألباب
قال: وقال المسيب راوية كثير: انطلق كثير مرة فقال لي: «هل لك في عكرمة بن عبد الرحمن بن هشام» ؟ وهو يومئذ على حنظلة بن عمرو بن تميم، فقلت: «نعم» ، قال: فخرجنا نريده حتى إذا صدرنا عن المدينة،