فما زلنا بومنا ذلك معها في الفردوس الأعلى، وما ذكرتها، بعد ذلك، إلا اشتقت لها، وأسفت عليها.

محمد بن حماد قال: كنا يوماً عند إسحاق بن نجيح، وعنده جارية يقال لها «شادن» ، موصوفة بجودة ضرب العود، وشجو صوت، وحسن خلق، وظرف مجلس، وحلاوة وجه، وأخذت العود وغنت:

ظبيٌ تكامل في نهاية حسنه ... فزها ببهجته وتاه بصده

فالشمس تطلع من فرند جبينه ... واليدر يغرق في شقائق خده

ملك الجمال بأسره فكأنما ... حسن البرية كلها من عنده

يا رب هب لي وصله وبقاءه ... أبداً فلست بعائشٍ من بعده

فطارت عقولنا، وذهلت ألبابنا من حسن غنائها وظرفها، فقلت: «يا سيدتي، من هذا الذي تكامل في الحسن والبهاء سواك» ؟ فقالت:

فإن بحت نالتني عيونٌ كثيرةٌ ... وأضعف عن كتمانه حين أكتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015