عزمت على قلبي بأن أكتم الهوى ... فضج ونادى إنني غير عاقل
فإن حان موتي لم أدعك بغصتي ... وأقررت قبل الموت أنك قاتلي
جارية البارقي: ذكروا أنها أنشدت في مجلس عمرو بن مسعدة:
يا أحسن العالم حتى متى ... يرتفع الحب وانحط
وكيف منجاي وبحر الهوى ... مذ حف بي ليس له شط
فأجيبت:
يدركك الوصل فتنجو به ... أو يقع البحر فتنحطّ
قال علي بن الجهم: كنت في مجلس محمد بن عمرو بن مسعدة، فأقبلت جارية كأنها البدر ليلة التمام، بلون كأنه الدر في البياض، مع احمرار خدين كشقائق النعمان فسلمت، فقال لي محمد: «يا أبا الحسن! هذه الجنة التي كنتم توعدون» ، فقالت:
وما الوعد يا سؤلي وغاية منيتي ... فإن فؤادي من مقالك طائر
فقال لها محمد:
أما وإله العرش ما قلت سيئاً ... وما كان إلا أنني لك شاكر
فقال ابن الجهم:
أمسك فديتك عن عتاب محمد ... فهو المصون لوده، المتحاذر
فأقبلت تحدثنا، فإذا عقل كامل، وجمال فاضل، وحسن قاتل، وردف مائل فقلت: «لقد أقر الله عيناً تراك» ، فقالت: «أقر الله أعينكم، وزادكم سروراً وغبطة» . ثم اندفعت تغني بنغمة لم أسمع أحسن منها:
أروح بهم من هواك مبرح ... أناجي به قلباً كثير التّفكّر
عليك سلام لا زيارة بيننا ... ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر