فقال الأعرابي:
نظرت إلى أواخرها ضحيا ... وقد بانت وأرض الشام أمت
فقالت عنان:
كتمت هواكم في الصدر مني ... على أن الدموع علي نمت
فقال الأعرابي: «أنت والله أشعرنا، ولولا أنك بحرمة رجل لقبلتك، ولكني أقبل البساط» . وقال بعضهم: دخلت علي عنان فإذا عليها قميص يكاد يقطر صبغة وقد تناولها مولاها بضرب شديد وهي تبكي فقلت:
إن عناناً أرسلت دمعها ... كالدر إذ ينسل من سمطه
فقالت وأشارت إلى مولاها:
فليت من يضربها ظالماً ... تجف يمناه على سوطه
فقال مولاها: «هي حرة لوجه الله إن ضربتها ظالماً أو غير ظالم» .
قال: واجتمع أبو نواس، والفضل الرقاشي، والحسين الخليع، وعمرو الوراق، ومحكم بن رزين، والحسين الخياط «1» في منزل عنان فتناشدوا إلى وقت العصر، فلما أرادوا الانصراف قالوا: «أين نحن الليلة» ؟
فكل قال: «عندي» ؟ فقالت عنان: «بالله قولوا شعراً وارضوا بحكمي» ، فقال الرقاشي:
عذراء ذات احمرارٍ ... إني بها لا أحاشي
قوموا نداماي روّوا ... مشاشكم من مشاشي
وناطحوني كئوساً ... نطاح صلب الكباش
وإن نكلت فحلٌّ ... لكم دمي ورياشي