وإن هلكت مزقت خمارها ... واتخذت من شعر صدارها
فلما هلك صخر اتخذت هذا الصدار، ونذرت أن لا أنزعه حتى أموت» . قال ثور بن معن السلمي: حدثني أبي قال: دخلت على الخنساء في الجاهلية وعليها صدار من شعر، وهي تجهز ابنتها، فكلمتها في طرح الصدار، فقالت: «يا حمقاء والله لأنا أحسن منك عرساً، وأطيب منك درساً، وأرق منك نعلا، وأكرم منك بعلا» . قال عبد الرحمن بن مرة عن بعض أشياخه أن عمر بن الخطاب قال للخنساء: «ما أقرح مآقي عينيك» ؟
قالت: «بكائي على السادات من مضر» ، قال: «يا خسناء إنهم في النار» ، قالت: «ذلك أطول لعويلي» . ومما اخترنا من أشعارها قولها:
تفرقني الدهر قرعاً وغمزاً ... وأوجعني الدهر نهشاً ووخزا
وأفنى رجالي فبادوا معاً ... فأصبح قلبي لهم مستفزا
كأن لم يكونوا حمىً يتقى ... إذ الناس إذ ذاك من عز بزا
وكانوا سراة بني مالك ... وزين العشيرة مجداً وعزا
وهم في القديم صحاح الأدي ... م والكائنون من الناس حرزا
بسمر الرماح وبيض الصفاح ... فبالبيض ضرباً وبالسمر وخزا
حززنا نواصي فرسانكم ... وكانوا يظنون أن لا تحزا
ومن ظن ممن يلاقي الحروب ... بأن لا يصاب فقد ظن عجزا
نعف ونعرف حق القرى ... ونتخذ الحمد ذخراً وكنزا
ونلبس في الحرب نسج الحديد ... وفي السلم نلبس خزاً وقزا
وروي خبر الخنساء من جهة أخرى: ذكروا أنها أقبلت حاجة، فمرت بالمدينة ومعها أناس من قومها، فأتوا عمر بن الخطاب، فقالوا: «هذه خنساء، فلو وعظتها فقد طال بكاؤها في الجاهلية والإسلام» ، فقام عمر وأتاها وقال: «يا خنساء» ، قال: فرفعت رأسها، فقالت: «ما تشاء وما الذي تريد» ؟ فقال: «ما الذي أقرح مآقي عينيك» ؟ قالت: «البكاء على سادات مضر» . قال: «إنهم هلكوا في الجاهلية، وهم أعضاد اللهب، وحشو