عليهما دخل على معاوية فقال في كلام جرى من معاوية في ذلك:
فيم الكلام وقد سبقت مبرزا ... سبق الجواد من المدى والمقوس
فقال معاوية، إياي تعني؟ والله لآتينك بما يعرفه قلبك ولا ينكره جلساؤك، أنا ابن بطحاء مكة، أنا ابن أجودها جوداً وأكرمها أبوة وجدوداً وأوفاها عهوداً، أنا ابن من ساد قريشاً ناشئاً. فقال الحسن: أجل! إياك أعني، افعلي تفتخر يا معاوية وأنا ابن ماء السماء وعروق الثرى وابن من ساد أهل الدنيا بالحسب الثاقب والشرف الفائق والقديم السابق وابن من رضاه رضى الرحمن وسخطه سخط الرحمن فهل لك أب كأبي أو قديم كقديمي، فإن تقل: «لا» تغلب، وإن تقل: «نعم» تكذب، فقال: أقول، «لا» تصديقاً لقولك، فقال الحسن رضي الله عنه:
ألحق أبلج لا تزيغ سبيله ... والحق يعرفه ذوو الألباب
قال: وقال معاوية ذات يوم، وعنده أشراف الناس من قريش وغيرهم:
«أخبروني بأكرم الناس أبا وأما وعما وخالاً وخالة وجداً وجدة» فقام مالك بن عجلان، وأومأ إلى الحسن بن علي صلوات الله عليه، فقال: «هو ذا أبوه علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمه جعفر الطيار، وعمته أم هانىء بنت أبي طالب، وخاله القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدته خديجة بنت خويلد» . فسكت القوم، ونهض الحسن، فأقبل عمرو بن العاص على مالك فقال: «أحب بني هاشم حملك على أن تكلمت بالباطل» ؟ فقال ابن عجلان: «ما قلت إلا حقاً، وما أحد من الناس يطلب مرضاة مخلوق بمعصية الخالق إلّا لم يعط أمنيته في دنياه، وختم له بالشقاء في آخرته، أليس بنو هاشم أنضركم عوداً وأوراكم زنداً، أكذلك هو معاوية» ؟ قال: «اللهم نعم» .
قال: واستأذن الحسن بن علي رضي الله عنه على معاوية، وعنده عبد الله بن جعفر وعمرو ابن العاص، فأذن له، فلما أقبل قال عمرو: «قد