فَيَبْدَأُ بِأَسْفَلِهِ لِيَقِلَّ مَا يَصِيرُ عَلَى أَعْلَاهُ مِنْ الْغُبَارِ لِيَكُونَ أَجْمَلَ لِوَجْهِهِ وَأَسْلَمَ لَعَيْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَيُوصِلُ التُّرَابَ إلَى جَمِيعِ الْبَشَرَةِ الظَّاهِرَةِ مِنْ الْوَجْهِ وَإِلَى مَا ظهر من الشعر) فأراد بالبشرة الظاهرة مالا شَعْرَ عَلَيْهِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْبَشَرَةِ الْمُسْتَتِرَةِ بِالشُّعُورِ وَقَوْلُهُ وَإِلَى مَا ظَهَرَ مِنْ الشَّعْرِ يَعْنِي الشَّعْرَ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ كذا قال أَصْحَابُنَا قَالُوا وَفِي إيصَالِ التُّرَابِ إلَى ظَاهِرِ مَا خَرَجَ مِنْ اللِّحْيَةِ عَنْ الْوَجْهِ الْقَوْلَانِ كَالْوُضُوءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ (لَا يَجِبُ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى مَا تَحْتَ الْحَاجِبَيْنِ وَالشَّارِبَيْنِ وَالْعِذَارَيْنِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَجِبُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) فَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِمَامُ الحرمين والغزالي والمتولي والبغوى وَآخَرُونَ وَادَّعَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَدَلِيلُ الْوَجْهَيْنِ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ الْحَاجِبَيْنِ وَالشَّارِبَيْنِ وَالْعِذَارَيْنِ تَمْثِيلٌ وَالْمُرَادُ الشُّعُورُ الَّتِي يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا فِي الْوُضُوءِ وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْعَنْفَقَةُ وَلِحْيَةُ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى وَأَهْدَابُ العين وشعر الخدين سواء خفت أم كثفت وكذا اللحية اللخفيفة لِلرَّجُلِ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا وَحُكْمُ الشَّعْرِ عَلَى الذِّرَاعِ حُكْمُ شَعْرِ الْوَجْهِ حُكِيَ الْخِلَافُ فِيهِ في فتاوى القاضي حسين وجزم القاضى والبغوى بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إيصَالُ التُّرَابِ
إلَى مَا تَحْتَهُ كَمَا قَالَا فِي الْوَجْهِ قَالَ الْقَاضِي وَلَا يُسْتَحَبُّ إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْبَشَرَةِ الَّتِي تَحْتَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ ثُمَّ يَضْرِبُ ضَرْبَةً أُخْرَى فَيَضَعُ بُطُونَ أَصَابِعِ يَدِهِ إلَخْ فَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى اسْتِحْبَابِهَا وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى حِكَايَةِ وَجْهِ أَنَّهَا لَا تُسْتَحَبُّ بل هي وغيرها سواء وليس هذا بشئ وَإِنَّمَا اسْتَحَبَّهَا الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزِدْ فِي مَسْحِ الْيَدَيْنِ عَلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَثَبَتَ بِالْأَدِلَّةِ وُجُوبُ اسْتِيعَابِ الْيَدَيْنِ فَذَكَرُوا هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ لِيُبَيِّنُوا صُورَةَ حُصُولِ الِاسْتِيعَابِ بِضَرْبَةٍ وَذَكَرَ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْجَوَابَ عَنْ اعْتِرَاضِ من قال الواجب مسح الكف ققط وَأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ اسْتِيعَابُ الذِّرَاعَيْنِ مَعَ الْكَفَّيْنِ بضربة فبينوا