يَذْكُرْ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي الْأُولَى إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ قُلْت هَذَا اعْتِرَافٌ مِنْ الْقَفَّالِ بِمُخَالَفَتِهِ جَمِيعَ الْأَصْحَابِ وَدَعْوَاهُ غَلَطَ الْمُزَنِيِّ بَاطِلَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ

(أَحَدِهِمَا)

أَنَّ التَّغْلِيطَ لَا يُصَارُ إلَيْهِ وَلِلْكَلَامِ وَجْهٌ مُمْكِنٌ وَهَذَا النَّقْلُ لَهُ وَجْهٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُ فَائِدَتِهِ

(وَالثَّانِي)

أَنَّ الْمُزَنِيَّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذَا بَلْ قَدْ وَافَقَهُ فِي نَقْلِهِ الْبُوَيْطِيُّ كَمَا قَدَّمْتُهُ كَذَلِكَ رَأَيْته صَرِيحًا فِي كِتَابِ الْبُوَيْطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَمَعَ الرَّافِعِيُّ مُتَفَرِّقَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَأَنَا أَنْقُلُهُ مُخْتَصَرًا قَالَ رَوَى الْمُزَنِيّ التَّفْرِيقَ فِي الْأُولَى فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ غَلَّطَهُ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ وَصَوَّبَهُ الْآخَرُونَ وَهُوَ الْأَصَحُّ ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِالْأَوَّلِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ فِي الْأُولَى فَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ قَالُوا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّقْ فِي الثَّانِيَةِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ التُّرَابُ الَّذِي بَيْنَ الْأَصَابِعِ لِمَا بَيْنَهَا وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا: صَحَّحَ الْأَصْحَابُ رِوَايَةَ الْمُزَنِيِّ وَهِيَ الْمَذْهَبُ هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَإِنَّمَا بَسَطْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَطْنَبْتُ فِيهَا هَذَا الْإِطْنَابَ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرْته مُخْتَصَرًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا لِأَنِّي رَأَيْت كَثِيرًا مِنْ أَكَابِرِ عصرنا ينتقصون صَاحِبَ الْمُهَذِّبِ

وَالتَّنْبِيهُ بِقَوْلِهِ (يُفَرِّقُ فِي الضَّرْبَةِ الْأُولَى) وَيَنْسِبُونَهُ إلَى الشُّذُوذِ وَمُخَالَفَةِ الْمَذْهَبِ وَالْأَصْحَابِ وَالدَّلِيلِ وَهَذِهِ أُعْجُوبَةٌ مِنْ الْعَجَائِبِ وَحَاصِلُهَا اعْتِرَافُ صَاحِبِهَا بِعَظِيمٍ مِنْ الْجَهَالَةِ وَنِهَايَةٍ مِنْ عَدَمِ الِاطِّلَاعِ وَتَسْفِيهِهِ لِلْأَصْحَابِ وَكَذِبِهِ عَلَيْهِمْ بَلْ عَلَى الشَّافِعِيِّ فَقَدْ صَحَّ التَّفْرِيقُ فِي الْأُولَى عَنْ الشَّافِعِيِّ بِنَقْلِ إمَامَيْنِ هُمَا أَجَلُّ أَصْحَابِهِ وَأَتْقَنُهُمْ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَهُمَا الْبُوَيْطِيُّ وَالْمُزَنِيُّ وَصَحَّ التَّفْرِيقُ أَيْضًا عَنْ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ يَرْحَمُنَا أَجْمَعِينَ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ) فَكَذَا عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا اسْتِحْبَابَ فِي البداءة بشئ من الوجه دون شئ وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِاسْتِحْبَابِ الْبُدَاءَةِ بِأَعْلَى الْوَجْهِ مِنْهُمْ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَالرَّافِعِيُّ وقال صاحب الحاوى مذهب الشافعي أنه يبتدأ بِأَعْلَى وَجْهِهِ كَالْوُضُوءِ قَالَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَبْدَأُ بِأَسْفَلِ وَجْهِهِ ثُمَّ يَسْتَعْلِي لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْوُضُوءِ إذَا اُسْتُعْلِيَ بِهِ انْحَدَرَ بِطَبْعِهِ فَعَمَّ جَمِيعَ الْوَجْهِ وَالتُّرَابُ لَا يَجْرِي إلَّا بِإِمْرَارِ الْيَدِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015