أَيْ لِأَنَّا ظَهَرَ لَنَا أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي قَابَلَ الْمَبِيعَ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْأَرْشِ وَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا حَالَةَ الْعَقْدِ وَجَهَالَةُ الثَّمَنِ مُوجِبَةٌ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فَلَوْ كَانَ مَا ظَهَرَ مُعْتَبَرًا لَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ لِإِفْضَائِهِ إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَبُطْلَانِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ لَكِنَّ الرُّجُوعَ بِالْأَرْشِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا فَلَا يَكُونُ لِمَا ظَهَرَ حُكْمٌ وَهَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي تَوْجِيهِ هَذَا الْقَوْلِ لِمَا حَكَاهُ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ بَعْضُ الْمُخَالَفَةِ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ فِي هَذَا الْمَضِيقِ كَأَرْشٍ مُبْتَدَإٍ مرتب على جناية فانا هَذَا الْقَوْلُ وَاحِدٌ وَمَأْخَذُهُ مُخْتَلِفٌ الْمُصَنِّفُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُقَابَلَةَ تَغَيَّرَتْ لَكِنْ لَيْسَ لِظُهُورِ تغيرها حكم ويطرد فذلك فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي غَيْرِهَا وَالْإِمَامُ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الضَّرُورَةُ تَجْعَلُهُ كَغُرْمٍ مُبْتَدَإٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْكَلَامَيْنِ حَيْدًا عَنْ الْقَانُونِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ يَحْتَاجُ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عما ظهرت وَلَيْتَ شِعْرِي هَلْ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ نَصٌّ أَوْ لَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ كَانَ عُذْرًا فِي أَنْ يَجْعَلَ أَنَّ مَا ظَهَرَ لَا حُكْمَ لَهُ أَوْ يَجْعَلَهُ كَغُرْمٍ مُبْتَدَإٍ اتِّبَاعًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إجْمَاعٌ وَلَا نَصٌّ فَمَا الْمُخَلِّصُ عَنْ هَذِهِ الْإِشْكَالَاتِ وَمَا الْمُوجِبُ لِارْتِكَابِهَا (الْعَاشِرُ) لَا جَوَابَ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الدَّارَكِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ جَهَالَةُ الثَّمَنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْعَيْنِ أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ الْمُقَابَلَةَ تَغَيَّرَتْ
بِانْتِقَاصٍ جَدِيدٍ فَلَا وَهَذَا الَّذِي يَقُولُ بِهِ بِدَلِيلِ حِلِّ الْجَارِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَإِذَا كَانَ بِطَرِيقِ النَّقْصِ صَارَ لَهُ حُكْمٌ فِي الْمُقَابَلَةِ صَارَتْ الْأَلْفُ مُقَابَلَةً بِدُونِ الْأَلْفِ الْآنَ لَا فِيمَا مَضَى فَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ كَذَلِكَ قَالَ الْفَارِقِيُّ فِي الْجَهَالَةِ يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْجَهَالَةِ الْحَاصِلَةِ بِفِعْلِ الْعَاقِلِ ابْتِدَاءً وَالْحَاصِلِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَسْلَمَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ بَطَلَ وَلَوْ مَاتَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ حَلَّ وَصَارَ الْأَجَلُ بِمَوْتِهِ مَجْهُولًا وَهُوَ صَحِيحٌ (الْحَادِيَ عَشَرَ) أَنَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَرُدُّ ثُمَّ يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ وَشَبَّهُوهُ بِالْمُسْتَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الرَّدَّ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَالْعَيْبُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَغْرَمُهُ إذَا لَمْ يُقَدَّرْ وُرُودُ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَالْمُسْتَامِ فَإِنَّ الْمُسْتَامَ لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّقْدِيرِ وَنَظَرُهُ بِقَوْلٍ مَنْصُوصٍ لِلشَّافِعِيِّ إذَا فُسِخَ النِّكَاحُ بَعْدَ الذخول أَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَرِدُّ الْمُسَمَّى وَيَرُدُّ إلَيْهَا الْبُضْعَ ثُمَّ يَغْرَمُ الزَّوْجُ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ (الثَّانِيَ عَشَرَ) مَأْخَذُ فَسْخِ الْبَيْعِ عَلَى مَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الرَّجُلِ يُشْتَرَى ثَمَرُهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ القطع ثم لم يقطع حتى بدى الصَّلَاحُ ثُمَّ أَرَادَ الْقَطْعَ فَسَخْنَا الْبَيْعَ هَهُنَا لِمَا يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَيْهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِصَاحِبِهِ أَوْ بِالْمَسَاكِينِ هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي تَعْلِيقَتِهِ وَلَمْ أَفْهَمْهُ وَإِنَّمَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِيمَا إذَا حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى وَاخْتَلَطَتْ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ عَلَى أَحَدِ