بَيْنَ جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَالِكِ مِنْ حَيْثُ اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَيْلٍ عَنْ أَصْلٍ وَالضَّرُورَةُ تُحْوِجُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ الْإِمَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْشَ لَيْسَ غُرْمًا مُبْتَدَأً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ الْقَانُونِ وَفِي كَلَامِهِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَفِي النَّظَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَلِذَلِكَ قَالَ فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ إنَّ غَرَامَةَ الْأَرْشِ فِي هَذَا الْمَضِيقِ تُقَدَّرُ كَأَرْشٍ مُبْتَدَأٍ مُرَتَّبٍ عَلَى جِنَايَةٍ عَلَى مِلْكِهِ (الْخَامِسُ) أَنَّ الْفَاسِخَ لِلْبَيْعِ هُوَ الْحَاكِمُ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ إنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يفسخ ايضا كما يقال فِي التَّخَالُفِ إنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا أَنْ يَفْسَخَ عَلَى الْأَصَحِّ (إنْ قُلْنَا) بِذَلِكَ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فِي بَابِهِ فَإِنَّهُ عِنْدَنَا فِيهِ وَقْفَةٌ (وَأَمَّا) عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ فَيَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِالتَّخَالُفِ وَإِنَّمَا هُوَ رَدٌّ بِالْعَيْبِ لَا مَدْخَلَ لِلْحَاكِمِ فِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ امْتَنَعَ دُخُولُ الْأَرْشِ فِيهِ وَجُعِلَ غَرَامَةً مُبْتَدَأَةً وَبِهَذَا تَبَيَّنَ لَكَ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى كَيْفِيَّةِ الْفَسْخِ كَمَا وَعَدْتُ بِهِ مِنْ قَبْلُ (السَّادِسُ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُغَرِّمْهُ أَرْشَ الْكَسْرِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ تَغْرِيمَ أَرْشِ الْكَسْرِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْفَسْخِ وَالْفَسْخُ يَرِدُ عَلَى الْإِنَاءِ خَاصَّةً وَلَيْسَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ حَيْثُ يَرِدُ الْأَرْشُ عَنْ الْحَادِثِ مَعَ الْمَبِيعِ إذ وَرَدَ الرَّدُّ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَدَّى إلَى الرِّبَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ قَبْضَهُ بَلْ رُجُوعَهُ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ فِي الْأَوْجُهِ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ رَدِّ الْأَرْشِ مَعَ الْمَبِيعِ إلَّا مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ قِيَاسُ الوجه الثالث فلذلك أتى المصنف بصفة ثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النُّقْصَانِ وَيَجِبُ تَأْوِيلُهَا عَلَى الْمَعِيَّةِ فِي الْوُجُوبِ لَا فِي انْسِحَابِ حُكْمِ الرَّدِّ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ ذَكَرَ هُنَا كَلَامًا بَلِيغًا فِي تَحْقِيقِ رَدِّ

الْأَرْشِ مَعَ الْعَيْبِ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَأَنْ لَيْسَ عَلَى تَقْرِيرِ وُرُودِ الْفَسْخِ عَلَيْهِمَا أَعْنِي فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَقَدْ قَدَّمْتُ ذَلِكَ عَنْهُ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي أَخْذِ الْأَرْشِ عَنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا (السَّابِعُ) أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَجْهَ الْأَخِيرَ حَكَاهُ الدَّارَكِيُّ وَلَيْسَ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ حَكَاهُ الشَّاشِيُّ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَنْهُ (الثَّامِنُ) مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ الدَّارَكِيِّ لِأَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ الْفَضْلِ فِي الرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ يُفْهِمُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَأْخُوذًا مِنْ أَنَّ الْأَرْشَ غُرْمٌ مُبْتَدَأٌ بَلْ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِطَرِيقِ الظُّهُورِ وَلَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ لِمَا نَذْكُرُهُ مِنْ الدَّلِيلِ فَقَوْلُهُ ظَهَرَ يَنْفِي كَوْنَهُ غُرْمًا مُبْتَدَأً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الشَّيْنِ أَوْ بِطَرِيقِ إنْشَاءِ نَقْصٍ جَدِيدٍ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَحْثِ الْأَقْرَبُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ وَالْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْإِمَامِ الثَّانِي (التَّاسِعُ) الدَّلِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الثَّمَنَ مَجْهُولًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015