تَقَدَّمَ ثُمَّ أَثَرُ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْأَعْيَانِ
* أَمَّا الْمَنَافِعُ الْبَعْضِيَّةُ فَلَا
* ثُمَّ لَوْ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا لَمَا جَازَ الرَّدُّ إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ وَهُوَ جَائِزٌ وَإِيجَابُ الْمَهْرِ فِي الْبُضْعِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَالسَّيِّدُ يَسْتَحِقُّهَا فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَقْدِيرِهَا جُزْءًا وَتَقْدِيرُ الْمَهْرِ بَعِيدٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجُزْءٍ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِهِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَلَا يَسْقُطُ به قبل القبض من الثمن شئ وَلَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ عِنْدَهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْكَافِرُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ لِأَنَّ فِيهِ إدْخَالَ ذُلٍّ على الاسلام والوطئ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فِيهِ وَجْهَانِ فَإِنْ سَلَّمَهُ فَلِأَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْخِيَارِ يَتَضَمَّنُ الرِّضَا فَهَهُنَا وَطِئَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْخِيَارِ وَاعْتَذَرَ أَبُو زَيْدٍ عن الوطئ قبل القبض بأنه وقع في حكم مالك البائع لانه تصرف ولا يتنقل التَّصَرُّفُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُجْعَلَ جِنَايَةً وَهَذَا ضَعِيفٌ فَهَذَا مَا تَيَسَّرَ ذِكْرُهُ وَحَرْفُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَاحَظَ غَرَضَ الْبَائِعِ وَمَا يَحْصُلُ له من النقرة وَالتَّغَيُّرِ وَالْأَنَفَةِ وَالشَّافِعِيَّ لَاحَظَ الْأَمْرَ الْعَامَّ وَأَنَّ عَادَةَ التُّجَّارِ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الْجَارِيَةَ ثَيِّبٌ لَا يُبَالُونَ بِقِلَّةِ الْوَطْئَاتِ وَكَثْرَتِهَا وَلَا يَنْقُصُ من قيمتها شيئا فان فرض وطئ ينقص القيمة فليس فرض المسألة والله عز وجل أَعْلَمُ
* وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الرَّدَّ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مِنْ حِينِهِ وَقَدْ اتَّفَقُوا هُنَا عَلَى جَوَازِ الرَّدِّ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إلَّا مَا سَنَحْكِيهِ مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَهَذَا الِاتِّفَاقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَثَرَ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَعْيَانِ أَمَّا الْمَنَافِعُ فَلَا وَهُوَ يُقَوِّي مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَحْثِ فِيهِ وَإِلَّا فَلَوْ أَثْبَتْنَا عَدَمَ الْمِلْكِ كَانَ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمَهْرِ وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيمَا إذَا وَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ
الْمَبِيعَةَ الثَّيِّبَ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ مَاتَتْ أَنَّهُ هَلْ يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْمَهْرَ عَلَى وَجْهَيْنِ (إنْ قُلْنَا) يَنْفَسِخُ مِنْ الْأَصْلِ غَرِمَ وَإِلَّا فَلَا وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوهُ وَبِتَقْرِيرِ ثُبُوتِهِ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ لِضَعْفِهِ مِلْكَ الْمُشْتَرِي وَبَقَاءِ عُلْقَةِ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ طَرْدُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الضَّعِيفَةِ الطَّارِدَةِ لِلْقَوْلَيْنِ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَفِيهِ نَظَرٌ
* هذا ما يتعلق بمن يَقُولُ بِمَنْعِ الرَّدِّ (وَأَمَّا) الْمَذَاهِبُ النَّافِيَةُ فَمَذْهَبُ ابن شبرمة أقربها لانه يقول يردها مَعَ مَهْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَهُوَ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ ارْتِفَاعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ تَخْرِيجًا ظَاهِرًا (وَجَوَابُهُ) مَا تَقَدَّمَ وأما من قال يردها ويرد شييئا يَتَقَدَّرُ مَعَهَا فَتَحَكُّمَاتٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَأَمَّا من قال بامتناع ردها ولا يرجع بشئ فَبَعِيدٌ فَإِنَّ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ يَجِبُ الرُّجُوعُ بِأَرْشِهِ إذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَطْرُدَ الْجُزْءُ مَذْهَبَهُ وَيُمْنَعَ مِنْ أَخْذِ الْأَرْشِ وَاَللَّهُ أعلم
*