فِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ مَذْكُورٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَنَحْنُ هُنَا وَافَقْنَا بَعْضَهُمْ فِي جَوَازِ الرَّدِّ وَبَعْضَهُمْ فِي إسْقَاطِ الْمَهْرِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ (الْأَمْرُ الثَّانِي) مِمَّا تَعَلَّقُوا بِهِ القياس على وطئ الْبِكْرِ لِأَنَّ كُلًّا مِمَّا يُقَرِّرُ الْمُسَمَّى فِي النِّكَاحِ وَعَلَى مَا إذَا زَنَتْ وَبِأَنَّهُ يَنَالُهَا فِي ذَلِكَ ابْتِذَالٌ وَيَنْقُصُهَا فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَبَا الْبَائِعِ أَوْ ابْنَهُ فَيَحْرُمُ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ فَمَنَعَ الرَّدَّ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ وَتَعَلَّقُوا أَيْضًا بأن الوطئ جِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عُقْرٍ أَوْ عُقُوبَةٍ فِي الْغَالِبِ وَلَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَأَشْبَهَ الْقَطْعَ وَالرَّدُّ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ فَلَوْ ردها لكان الوطئ حَاصِلًا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لان الوطئ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَخْلُو عَنْ الْمَهْرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوجِبَ الْمَهْرَ وَلَا أَنْ يَرُدَّهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَبَطَل الرَّدُّ وَرُبَّمَا قَالُوا فِي هَذَا إنَّهُ إذَا كَانَ وَاقِعًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَانَ عَيْبًا فَيُمْنَعُ الْفَسْخُ فَلَوْ نَفَذَ الْفَسْخُ لِمَا بَعْدُ وَنَقَلُوا عَنْ مُحَمَّدِ بن الحسن أن الوطئ لَا يَخْلُو عَنْ عُقْرٍ أَوْ عُقُوبَةٍ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْمِلْكِ وَقَدْ انْتَفَيَا عَنْ المشترى بالاجماع فلو فسخ لا يَبْقَى الْمِلْكُ مِنْ أَصْلِهِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ إسْقَاطُ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ انْتَفَيَا عَنْ الْمُشْتَرِي بِالْإِجْمَاعِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَوَّلَ فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِ إيجَابُ الْمَهْرِ وَبِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ فِي حُكْمِ الْأَجْزَاءِ وَالْمُشْتَرِي أَتْلَفَهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْوَلَدُ وَالزَّوَائِدُ وَيَعُودُ البحث في مسألة لزوائد وإنما استدلوا به على أن الوطئ تنقيص للملك صرف مَهْرِ الْجَارِيَةِ الْمَوْطُوءَةِ بِالشُّبْهَةِ إلَى سَيِّدِهَا فَلَوْ كَانَ الْمَهْرُ لِصِيَانَةِ الْبُضْعِ فَقَطْ لَوَجَبَ لِلَّهِ كالكفارة فلما صرف السَّيِّدِ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ كَالْأَجْزَاءِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ كَيَدِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ يُصْرَفُ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ الْمَالِيَّةُ بِمَنْفَعَةِ البضع الحكم في حكم لاجزاء وَفَوَاتِ الْأَجْزَاءِ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي حُكْمِ الْأَجْزَاءِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُهُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَيُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ فِي الشَّرْعِ مُحْتَرَمَةٌ مُشَرَّفَةٌ لِأَنَّهَا سَبَبُ النسل في العامل فَلِشَرَفِهَا وَحُرْمَتِهَا الْتَحَقَتْ بِالْأَجْزَاءِ شَرْعًا (وَالْجَوَابُ) أَنَّ وطئ الْبِكْرِ وَالزِّنَا مُنْقِصَانِ لِلْقِيمَةِ بَلْ زَوَالُ الْبَكَارَةِ وحدها بغير وطئ مُنْقِصٌ وَالِابْتِذَالُ
إنْ سَلِمَهُ كَالِاسْتِخْدَامِ وَكَوْنُ الْمُشْتَرِي أَبَا الْبَائِعِ أَوْ ابْنَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي مَعْيُوبِ شَخْصٍ مِنْ الْأَشْخَاصِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ مَا ينقص قيمة الشئ ولا يؤثر إلا ماله أَثَرٌ فِي الْمَالِيَّةِ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ جِنَايَةٌ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَهَذَا بِخِلَافِهِ وَلَوْ كَانَ جِنَايَةً لَمُنِعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إذَا وَطِئَ مُكْرَهَةً وَمِنْ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُمْ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ ينتقض بما دون الوطئ هَكَذَا نَقَضَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِمْ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ ان ما دون الوطئ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ مَانِعٌ الرَّدَّ أَيْضًا فَعَلَى هَذَا لَا يَتَوَجَّهُ النَّقْضُ وَعَنْ قَوْلِهِمْ لَا يَخْلُو عَنْ مَالٍ أَوْ عُقُوبَةٍ أَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ تَخْلُو مِنْ الْمَالِ وَالْعُقُوبَةِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا وَعَنْ قَوْلِهِمْ الرَّدُّ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ