فانه قال في ذلك منزلته منزلة للمشترى سِلْعَةً فَوَجَدَ بِهَا عَيْبَيْنِ فَرَضِيَ بِأَحَدِهِمَا كَانَ له أنى يَرُدَّ بِالْعَيْبِ الثَّانِي وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَرُدُّ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الثَّانِي قَالَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْكَلَامِ وَقَدْ قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُصَرَّاةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ بُشْرَى فِي مَنْصُوصَاتِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقد حكى ابن الرفعة عن الجوزى هَذَا عِنْدَ الْكَلَامِ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ وَقَالَ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي رَدِّهِ إبْطَالَ عَفْوِهِ عَنْ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَجُزْ وَلِهَذَا نَظَرٌ يَأْتِي في الجنايات وما حكاه الجوزى مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُصَرَّاةِ قَدْ وُجِّهَ هَذَا الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مِنْهُمَا بِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ السِّلَعِ وَنَحْنُ نَمْنَعُهُ حُكْمَ الْأَصْلِ إمَّا جَزْمًا وَإِمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَلَئِنْ سَلَّمَ (فَالْفَرْقُ) مَا ذَكَرَهُ وَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مَأْخَذَ الْقَوْلِ بالمنع الذى حكاه الجوزى غَيْرُ مَأْخَذِ الْوَجْهِ الَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ التَّخْرِيجِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَوِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ وَالْحَدِيثُ يَصُدُّ عنه غير أن القول الذى حكاه الجوزى عَلَى غَرَابَتِهِ وَضَعْفِهِ يُعْتَضَدُ بِهِ الْوَجْهُ الَّذِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَأْخَذِ لِتَوَارُدِهِمَا عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ امْتِنَاعُ الرَّدِّ وَكِلَاهُمَا شَاهِدٌ لِلرَّأْيِ الَّذِي حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ اللَّبَنَ لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ التَّخْرِيجِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ إلَّا اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ اللَّبَنُ مُقَابَلًا بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ وَجَبَ أَنْ لَا يَرُدَّ بَدَلَهُ وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى رَدِّ الْبَدَلِ وَلِذَلِكَ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَكْثَرُ الاصحاب بأنه مقابل بقسط وقعطوا بِذَلِكَ فِي بَابِ الرِّبَا وَاسْتَدَلُّوا لَهُ هُنَاكَ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْوَجْهُ الَّذِي حَكَاهُ الشيخ أبو على والجوزي فِي غَايَةِ الْغَرَابَةِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ من مِنْ كَوْنِ اللَّبَنِ تَابِعًا تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ وَلَيْسَ أَوْصَافُ السَّلَامَةِ يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَيْهَا حَتَّى إذَا فَاتَ بَعْضُهَا يَتَخَرَّجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ يُوَافِقُ عَلَى أَنَّهُ يُقَابِلُهُ قسط من الثمن وكون الشئ مُقَابَلًا بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ أَخَصُّ مِنْ كَوْنِهِ مَقْصُودًا هَذَا مَا ذَكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَفَصَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ

إنْ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلِمَ بِالتَّصْرِيَةِ وَرَضِيَ ثُمَّ وَقَفَ عَلَى عَيْبٍ آخَرَ فَلَهُ الرَّدُّ لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِيهِ وَيَرُدُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015