إلَيْهِ صَائِرٌ وَيَبْقَى فِيمَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْقِيَاسِ فَلَيْسَ مَا نَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ خَارِجًا عَمَّا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ (وَأَمَّا) نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ الْمُصَرَّاةِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ وَأَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ مِنْ التَّخْرِيجِ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ الْقِيَاسُ بِأَنَّا إنَّمَا نُخَرِّجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مَا هُوَ مَقْصُودٌ كُلُّهُ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّبَنَ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالشَّاةِ بَلْ هِيَ الْمَقْصُودَةُ وَاللَّبَنُ إنْ قُصِدَ فَتَابِعٌ وَلِهَذَا اُغْتُفِرَتْ الْجَهَالَةُ فِيهِ وَالتَّوَابِعُ إذَا فاتت لا تحلق بِالْمَتْبُوعَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا ظَهَرَ عَيْبُهُ وَامْتَنَعَ رَدُّهُ لَا نَقُولُ يُخَرَّجُ الْقَوْلُ فِي الْبَاقِي عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِنْ كَانَتْ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ مَقْصُودَةً لَكِنَّهَا تَابِعَةٌ لَا تُفْرَدُ بِالْعَقْدِ فَاللَّبَنِ مِثْلُهَا (قُلْتُ) وَهَذَا أَمْيَلُ إلَى أَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ مَعَ إنْكَارِهِ لَهُ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى الْمُقَابَلَةِ أَنَّهُ إذا رد بتفريق الصفقة يرده وقد حكي الجوزى قَوْلًا يُوَافِقُ مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي امْتِنَاعِ الرَّدِّ وَيُخَالِفُهُ فِي الْمَأْخَذِ فَقَالَ إنْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبِ التَّصْرِيَةِ فَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ آخَرَ بَعْدَ مُدَّةٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا يَرُدُّ كَمَا لَا يَرُدُّ سِلْعَةً اشْتَرَاهَا فَظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ فَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ آخَرَ لِأَنَّهُ رَضِيَهَا مَعِيبَةً (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) يَرُدُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السِّلَعِ أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا بَدَلًا لِلَبَنِ الْمُصَرَّاةِ فَكَأَنَّهُ يَرُدُّهُ بِعَيْبٍ وَاحِدٍ وَسَائِرُ السِّلَعِ لَا يَرُدُّ مَعَهَا شَيْئًا وكان قد رضيه فلا شئ له قال الجوزى قد يجئ فِي السِّلَعِ أَنَّهُ يَرُدُّ الْمُصَرَّاةَ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِعَيْبٍ وَاحِدٍ دُونَ الْآخَرِ (قُلْتُ) وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الذى قاله الجوزى هو القياس ولا يلزم من الرضى بعيب الرضى بِجَمِيعِ الْعُيُوبِ وَاَلَّذِي قَالَهُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ سَائِرَ السِّلَعِ غَيْرِ الْمُصَرَّاةِ إذَا ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ فَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى ظَهَرَ عَلَى عيب آخر أنه يمتنع الرد بعيد ولا وَجْهَ لَهُ وَمَا أَظُنُّ الْأَصْحَابَ يُسَاعِدُونَهُ عَلَى ذلك كما حكاه الجوزى مِنْ الْقَوْلَيْنِ بَلْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُمَا
بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّ مَنْ رَضِيَ بِعَيْبٍ ثُمَّ وَجَدَ غَيْرَهُ لَمْ يَمْنَعْهُ الرِّضَا بِمَا عَلِمَ مِنْ الرَّدِّ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ وَجَعَلُوا ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى الرَّدِّ هَهُنَا لَكِنِّي رَأَيْتُ فِي تَعْلِيقِ الطَّبَرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يُوَافِقُهُ