مُجْزِئَةً فَهَذِهِ الْأَوْجُهُ الْأَرْبَعَةُ مُشْتَرِكَةٌ فِي أَنَّ التَّمْرَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ بَلْ يَقُومُ مَقَامَهُ غَيْرُهُ وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا بِأَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ قَصَرُوا ذَلِكَ عَلَى الْأَقْوَاتِ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَهُنَا فِي التَّخْيِيرِ أَوْ فِي اعْتِبَارِ الْغَالِبِ مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّمْرِ قَالَ الْإِمَامُ لَكِنْ لَا نَتَعَدَّى هُنَا إلَى الْأَقِطِ بِخِلَافِ مَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِلْخَبَرِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ يُوَافِقُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ في نقل قوله التَّخْيِيرِ (وَقَوْلُهُ) إنَّ ذَلِكَ فِي الْأَقْوَاتِ الْمُزَكَّاةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَطْلَقَ النَّقْلَ فِي قَوْلِ الْإِصْطَخْرِيِّ وَوَرَاءَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّمْرَ لَا يَتَعَيَّنُ وَجْهٌ خَامِسٌ عَنْ حِكَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ
وَاخْتُلِفَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْهُ (فَقَالَ) وَلَدُهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ ذَكَرَ شَيْخِي مَسْلَكًا غَرِيبًا زَائِدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي طُرُقِهِمْ فَقَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُجْرَى فِي اللَّبَنِ عَلَى قِيَاسِ الْمَضْمُونَاتِ فَإِنْ بَقِيَ عَيْنُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ رَدَّهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّ غَيْرِهِ وَإِنْ تَغَيَّرَ رد مِثْلُهُ فَإِنَّ اللَّبَنَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَإِنْ أَعْوَزَ الْمِثْلَ فَالرُّجُوعُ إلَى الْقِيمَةِ وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَلَمْ يُصَرِّحْ وَهَذَا عِنْدِي غَلَطٌ صَرِيحٌ وَتَرْكٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بل هو جيد عَنْ مَأْخَذِ مَذْهَبِهِ وَيَبْطُلُ عَلَيْهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْخِيَارُ فَإِنْ اعْتَمَدْنَا فِيهِ الْخَبَرَ لَمْ يَبْعُدْ مِنْ الْخَصْمِ حَمْلُهُ عَلَى شَرْطِ الْغَزَارَةِ مَعَ تَأْكِيدِ الشرط بالتحفيل فهو إذا هَفْوَةٌ غَيْرُ مَعْدُودَةٍ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا عَوْدَ إلَيْهَا هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَعْرَفُ بِمُرَادِ وَالِدِهِ وَالْأَمْرُ فِي تَضْعِيفِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُجَانِبٌ لِلْحَدِيثِ وَالْمَذْهَبِ وَيَقْتَضِي أَنَّ التَّمْرَ لَيْسَ الْوَاجِبَ أَصْلًا وَأَنَّهُ عِنْدَ تَلَفِ اللَّبَنِ الْوَاجِبِ رَدُّ مِثْلِهِ وَالرَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ صَدَّرَ كَلَامَهُ بِأَنَّهُ يُرَدُّ التَّمْرُ ثُمَّ جَعَلَ مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ التَّمْرِ غَيْرُهُ حَتَّى لَوْ عَدَلَ إلَى مِثْلِ اللَّبَنِ أَوْ إلَى قِيمَتِهِ عِنْدَ إعْوَازِ الْمِثْلِ أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى الْقَبُولِ اعْتِبَارًا بِسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَفِي هَذَا تَأْوِيلٌ لِكَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ لله وَأَنَّ إيرَادَهُ يَرُدُّهُ إنْ شَاءَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّهُ حَتْمًا وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى وَجْهٍ عَلَى قَبُولِ اللَّبَنِ إذَا كَانَ باقيا ومال ابن الرافعة إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَقَالَ إنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ أبى محمد رحمه الله