أَوْ مَعْدُومًا فَيَجُوزَ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ هُوَ الْوَاجِبَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مُحَقَّقَةٍ مِنْ قَائِلِينَ مُخْتَلِفِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافًا فِي تَحْقِيقِ قَوْلٍ وَاحِدٍ (أَمَّا) عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ كَابْنِ سُرَيْجٍ أَوْ عَنْ الشَّافِعِيِّ كَمَا اقتضاه اطلاق الجوزى قَوْلَيْنِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَكَ أَنْ تَعْتَمِدَ عَلَى ذَلِكَ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الثَّلَاثِ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهَا كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ نَقَلَ
الْأَئِمَّةُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ جَعَلَ اخْتِلَافَ الْأَحَادِيثِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَلَفَ لَفْظُهُ لِذَلِكَ فَقَالَ " صَاعًا مِنْ تَمْرٍ " بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ غَالِبَ قُوتِهَا التَّمْرُ وَكَانَتْ الْحِنْطَةُ بِهَا عَزِيزَةً وَقَالَ " صَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ " حَيْثُ يَكُونُ الْغَالِبُ مِنْ الْقُوتِ الشَّعِيرَ أَوْ الذُّرَةَ أَوْ الْأَرُزَّ وَقَالَ " مِثْلُ لَبَنِهَا قَمْحًا " وَأَرَادَ بِهِ الصَّاعَ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ مِثْلُ اللَّبَنِ الَّذِي فِي الضَّرْعِ وَقَصَدَ بِهِ اللبن الذى يكون غالب قوته ووراء هذه الاوجه الثلاث غَيْرِ الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ التَّمْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهٌ رَابِعٌ أَنَّهُ يَرُدُّ صَاعًا مِنْ أَيِّ الْأَقْوَاتِ الْمُزَكَّاةِ شَاءَ مِنْ تَمْرٍ أَوْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ زَبِيبٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْمَحَامِلِيُّ عَنْهُ للوجه الاول والله أعلم (قال) الْمَاوَرْدِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ هَذَا الْقَوْلِ (وَقَوْلُهُ) " مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا " لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ صَاعًا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْغَنَمِ أَنْ تَكُونَ الْحَلْبَةُ نِصْفَ صَاعٍ يَعْنِي وَيَكُونُ تَرَدُّدُ الرِّوَايَةِ فِي ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى التَّنْوِيعِ مِثْلُ لَبَنِهَا إنْ كان كثيرا قدر لبنها ان كان كثيرا قَدْرَ صَاعٍ أَوْ مِثْلَيْ لَبَنِهَا إنْ كَانَ قَلِيلًا وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى الشِّيَاهِ فِي بِلَادِهِمْ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْوَجْهِ أَبُو بَكْرٍ احمد بن ابراهيم بْنُ إسْمَاعِيلَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُسْتَخْرَجِ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِي قَوْلِهِ " صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ الْمَقْصُودُ لَا الِاقْتِصَارُ عَلَى اللَّفْظِ لِأَنَّ التَّمْرَ اسْمٌ لِنَوْعٍ مَعْرُوفٍ (وَقَوْلُهُ) سَمْرَاءَ لَوْ كَانَ نَوْعُ التَّمْرِ هُوَ الْمَقْصُودُ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ لَا سَمْرَاءَ مَعْنًى فَثَبَتَ أَنَّ المعنى التمر وما قام مقامه لا يكلف سَمْرَاءَ (قُلْتُ) وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَلَيْسَتْ (لَا) مُتَعَيَّنَةً فِي الْإِخْرَاجِ وَإِنَّمَا هِيَ هُنَا عَاطِفَةٌ مِثْلُهَا فِي قَوْلِكَ جَاءَنِي رَجُلٌ لَا امْرَأَةٌ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ نَفْيُ تَوَهُّمِ أَنْ تَكُونَ السمراء