الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَوَّلَ قَوْلُهُ " لَيْسَ بِالثَّابِتِ " عَلَى الْحُكْمِ لَا عَلَى الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَهُ بِلَا إشْكَالٍ وَقَدْ أَوْدَعَهُ الْمُوَطَّأَ الْمَشْهُورَ عَنْهُ خِلَافَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَالْقَوْلُ بمقتضى الحديث (قال) ابن القاسم (قلت) لمالك أنأخذ بِهَذَا الْحَدِيثِ (قَالَ) نَعَمْ قَالَ مَالِكٌ أَوَ لِأَحَدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَأْيٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَخَذْتُهُ إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لى أرى لاهل البلدان إذا نزل بِهِمْ هَذَا أَنْ يُعْطُوا الصَّاعَ مِنْ عَيْشِهِمْ (قَالَ) وَأَهْلُ مِصْرَ عَيْشُهُمْ الْحِنْطَةُ (وَقَالَ) ابْنُ عبد البرقى التَّمْهِيدِ إنَّ الصَّحِيحَ عَنْ مَالِكٍ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّ رِوَايَةَ أَشْهَبَ مُنْكَرَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (أَمَّا) الِاسْتِدْلَال فَدَلِيلُنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخْبَارُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْمَقْصُودِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ مُسْتَقِيمٌ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الْأُصُولِ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُ فِي أَجْوِبَةِ الْمُخَالِفِينَ إنْ شاء الله تعالى

* ومن القياس علي مالو باع طاحونة حبس ماءها زَمَانًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ حَالَةَ الْبَيْعِ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَبَدًا كَذَلِكَ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ (وَاعْتَمَدَ) الْمُخَالِفُونَ فِي الِاعْتِذَارِ عن الحديث أموار ضعيفة ترجع إلى طريقين طَرِيقَةُ الرَّدِّ وَطَرِيقَةُ التَّأْوِيلِ (الْأَوَّلُ) أَنَّ هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ مُخَالِفٌ لِقِيَاسٍ مِنْ الْأُصُولِ الْمَعْلُومَةِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ الْعَمَلُ بِهِ إما كونه مخالف لقياس الاصول المعلومة فمن وجوه

(أحدهما)

أَنَّهُ أَوْجَبَ غُرْمَ اللَّبَنِ مَعَ إمْكَانِ رَدِّهِ (وَثَانِيهَا) أَنَّهُ أَوْجَبَ غُرْمَ قِيمَتِهِ مَعَ وُجُودِ مثله (وثلثهما) أَنَّهُ جَعَلَ الْقِيمَةَ تَمْرًا وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا (وَرَابِعُهَا) أَنَّهُ جَعَلَهَا مُقَدَّرَةً لَا تَزِيدُ بِزِيَادَةِ اللَّبَنِ

وَلَا تَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِ وَمِنْ حُكْمِ الضَّمَانِ أَنْ يَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِ الْمَضْمُونِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ (وَخَامِسُهَا) أَنَّ اللَّبَنَ إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَقَدْ ذَهَبَ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ حَادِثًا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَقَدْ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَطًا فَمَا كَانَ مَوْجُودًا مَنَعَ الرَّدَّ وَمَا حَدَثَ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ (وَسَادِسُهَا) إثْبَاتُ الْخِيَارِ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مُخَالِفٍ لِلْأُصُولِ فَإِنَّ الْخِيَارَاتِ الثَّابِتَةَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَا تُقَدَّرُ بِالثَّلَاثِ (وَسَابِعُهَا) يَلْزَمُ مِنْ الْعَمَلِ بِظَاهِرِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ لِلْبَائِعِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015