الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ مَشْهُورٌ فِي الْمَذْهَبِ إنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالتَّصْرِيَةِ حِينَ الْعَقْدِ وَيُعَبَّرُ عَنْ الْوَجْهَيْنِ بِأَنَّ هَذَا الْخِيَارَ هَلْ هُوَ خِيَارُ عَيْبٍ أَوْ خِيَارٌ ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ وَبَنَاهُمَا الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الخيار يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ (فَإِنْ قُلْنَا) بِالْأَوَّلِ ثَبَتَ مَعَ الْعِلْمِ وَإِلَّا فَلَا وَسَيَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَالصَّحِيحُ) عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ فَالْبِنَاءُ حينئذ متجه (والمختار) أنه يَمْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَقْرِيرُهُ وَالْجُمْهُورُ هَهُنَا أَنَّ مَتَى عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالتَّصْرِيَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَأَنَّ ذَلِكَ خِيَارٌ ثَبَتَ لِأَجْلِ النَّقْصِ وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ الظَّاهِرِيَّةَ لَمْ يُثْبِتُوا الْخِيَارَ هَهُنَا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَيَحْتَاجُونَ إلَى دَلِيلٍ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّفْظَ مُتَأَوَّلٌ وَمَا ادَّعَيْنَا نَحْنُ مِنْ ظُهُورِ الْمَعْنَى وَفَهْمِهِ هُمْ لَا يعتبرونه (وقوله) فهو بالخيار إلى آخره هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ (وَمِمَّنْ) قَالَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ فُتْيَاهُ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ وَنَقَلَ الْعَبْدَرِيُّ الْقَوْلَ بِهِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ (وَمِمَّنْ) قَالَ
بِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ بَعْدَهُمْ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَابْنُ أبى ليلى وأحمد وإسحق وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزِّنْجِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ (وَاتَّفَقَ) جَمِيعُ أَصْحَابِنَا عَلَى ذَلِكَ تَبَعًا لِإِمَامِهِمْ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَرُوِيَتْ رِوَايَةٌ غَرِيبَةٌ بِذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ ذَكَرَ العتبى من سماع أشهب بن مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ ابْتَاعَ مُصَرَّاةً فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ " فَقَالَ سَمِعْتُ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِالثَّابِتِ وَلَا الْمُوَطَّأِ عَلَيْهِ وَلَئِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إنَّ لَهُ اللَّبَنَ بِمَا عَلَفَ وَضَمِنَ (قِيلَ) لَهُ نراك تضعف الحديث (فقال) كل شئ يوضع موضع وَلَيْسَ بِالْمُوَطَّأِ وَلَا الثَّابِتِ وَقَدْ سَمِعْتُهُ (قَالَ) ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذِهِ رِوَايَةٌ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا عَنْ مَالِكٍ وَمَا رَوَاهَا عَنْهُ إلَّا ثِقَةٌ وَلَكِنَّهُ عِنْدِي اخْتِلَافٌ مِنْ رَأْيِهِ (قُلْتُ) وَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ