فإذا أريد بالدعاء دعاء المسألة والطلب فإنه يدل على دعاء العبادة بطريق التضمن لأن الداعي دعاء المسألة عابد لله تعالى بسؤاله والتضرع إليه وأما إذا أريد بالدعاء دعاء العبادة فإنه يدل على دعاء المسألة بطريق دلالة الالتزام لأن العابد لله كالذي يذكر الله مثلاً هو في الحقيقة سائل.

وإن كان لا يأتي بلفظ السؤال كالذي يطوف على بعض الأبواب والأسواق ليدعو الناس يكون سائلاً وإن حذف لفظ السؤال.

وبهذا يتبين أن نوعي الدعاء متلازمان ويندفع بهذا التقرير ما يردده بعض المخالفين من أن الآيات الواردة في التحذير من دعاء غير الله - المراد بها دعاء العبادة فقط وليس المراد بها السؤال والطلب فلا يدخل فيها طلب الشفاعة من الأموات والتوسل بهم بل ولا دعاؤهم والاستغاثة بهم هكذا زعموا (?)

ضابط دعاء العبادة:

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما يمكن اعتباره ضابطاً للآيات التي يكون فيها حمل الدعاء على العبادة أظهر فقال: " وكل موضع ذكر فيه دعاء المشركين لأوثانهم فالمراد به دعاء العبادة المتضمن (?) دعاء المسألة فهو في دعاء العبادة أظهر لوجوه ثلاثة:

أحدها: أنهم قالوا: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر: 3] فاعترفوا بأن دعاءهم إياهم عبادتهم لهم

الثاني: أن الله تعالى فسر هذا الدعاء في موضع آخر كقوله تعالى (وقيل لهم أينما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون) [الشعراء: 92-93]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015