الأصبهاني بنيسابور، فأخذ عنه التقشف، ولم يكن يحسن العلم والأدب، أكثر كتبه المصنفة صنفها له مأمون بن أحمد السلمي، وكان تلميذه.
فأما في حداثته وما كان من إظهار مذهبه فحدثني محمد بن المنذر بن سعيد، قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي، يقول: كنت عند إبراهيم بن الحصين والي سجستان إذ دخل علينا رجل طوال، عليه رقاع، فقيل: هذا محمد بن كرام، فقال له إبراهيم بن الحصين: هل اختلفت إلى أحد من العلماء؟ قال: لا، قال: فإلى عثمان بن عفان؟ قال: وإلى عثمان بن عفان، قال: فهذا العلم الذي تقوله من أين لك؟ قال؟ هذا نور جعله الله في بطني، فقال له إبراهيم: تحسن التشهد؟ فقال: تشهد جيست؟ فقال: اندر نمازبنشين ج كَوي؟ قال: أقول: التحيات لله والسلوات والتيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام ألينا وألى إباد الله السالهين، أشود أن لا إله إلا الله، وأشود أن مهمدًا أبدك ورسولك، قال: فقال له إبراهيم: قم لعنك الله، وأمر به فأخرج من سجستان.
قال أبو حاتم: هذه حالة محمد بن كرام في الابتداء، ثم لما أخذ في العلم أحب أن ينشئ مذاهب، ليعرف به مجرد الإيمان، وجعله قولًا بلا معرفة، وكان يزعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن بحجة لله على خلقه، إن الحجة لا يندرس ولا يموت، وكان يزعم أن الاستطاعة قبل الفعل، وكان يجسم الرب جلّ وعلا، ومن كان داعية إلى بدعة من البدع يجب ترك حديثه، فكيف إذا جمع إلى بدعته القدح في السنن والطعن في منتحليها.
سمعت عمر بن سعيد بن سنان بمنبج، يقول: سمعت عبد الجبار بن عبد الله يقول: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم، فقلت: يا رسول الله الإيمان على ما يقول ابن كرام؟ فقال: "لَا".
سمعت عبد الله بن محمد بن مسلم، يقول: سمعت محمد بن كرام ههنا، وأشار إلى الصخرة يقول: فرعون قدر أن يؤمن، ولكن لم يؤمن.