أحدهم لو سئل عن عدد الأحرف في السنن لكل سنة منها عدها عدًا، ولو زيد فيها ألف أو واو لأخرجها طلوعًا [طوعًا] ولأظهرها ديانة، ولولاهم لدرست الآثار واضمحلت الأخبار، وعلا أهل الضلالة والهوى، وارتفع أهل البدع والعمى، فهم لأهل البدع قامعون بالسنن شأنهم جامعون [دامغون]، حتى إذا قال وكيع بن الجراح: حدثنا النضر عن عكرمة، ميزوا بين حديث النضر بن عدي الحراني وبين النضر بن عبد الرحمن الخزاز، وأحدهما ضعيف والآخر ثقة، وقد رويا جميعًا عن عكرمة، وروى وكيع عنهما، حتى إذا قال حفص بن غياث: حدثنا أشعث عن الحسن ميزوا حديث أشعث بن عبد الملك من أشعث بن سوار، وأحدهما ثقة والآخر ضعيف (?). وقد رويا جميعًا عن الحسن، وروى عنهما حفص بن غياث، وحتى إذا قال عبد الرزاق: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع، وعبد الله بن عمر عن نافع ميزوا حديث هذا من حديث ذاك، لأن أحدهما ثقة والآخر ضعيف: فإن أسقط من اسم عبيد الله ياء علموأ أنه ليس من حديث عبد الله بن عمر، وإذا زيد في اسم عبد الله ياء قالوا: ليس هذا من حديث عبيد الله بن عمر، حتى خلصوا الصحيح من السقيم، وإذا قال ابن أبي عدي: حدثنا شعبة عن قتادة، وحدثنا سعيد عن قتادة، فإذأ ألزق طرف الدال في بعض الكتب حتى يصير سعيد شعبة، خلصوا وقالوا: ليس هذا من حديث شعبة، إنما هو لسعيد، وإن انفتح من الهاء فرجة حتى صار شعبة سعيدًا ميزوا وقالوا: ليس هذا من حديث سعيد، هذا من حديث شعبة، وإذا كان للحديث عند ابن أبي عدي ويزيد بن زريع وغندر عن سعيد وشعبة جميعًا عن قتادة، ميزوه، وحتى خلصوا ما عند يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة مما عند غدر عن شعبة عن قتادة، وفصلوا بين ما عند غندر عن شعبة عن قتادة، وبين ما عند يزيد بن زريع عن شعبة عن قتادة، لأن سعيدًا اختلط في آخر عمره، فليس حديث المتأخرين عنه بمستقيم، وشعبة إمام متقن ما اختلط ولا تغير، وإذا قال عبيد الله بن موسى: حدثنا سفيان عن فراس، وحدثنا شيبان عن فراس،