ومما ينخرط في هذا السلك قول بعضهم:
مخصّرة الأوساط زانت عقودها ... بأحسن ممّا زيّنتها عقودها
أخذه أبو تمام؛ فقال:
كأنّ عليها كلّ عقد ملاحة ... وحسنا وإن أضحت وأمست بلا عقد
ثم أخذه البحتري؛ فقال:
إذا أطفأ الياقوت إشراق وجهها ... فإنّ عناء ما توخت عقودها
أمثال هذا كثيرة، وفيما أوردناه مقنع.
وهو أن يؤخذ المعنى ويسبك سبكا موجزا.
وذلك من أحسن السرقات؛ لما فيه من الدلالة على بسطة الناظم في القول، وسعة باعه في البلاغة؛ فمن ذلك قول بشار:
من راقب النّاس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج
أخذه سلم الخاسر، وكان تلميذه، فقال:
من راقب النّاس مات غمّا ... وفاز بالّلذّة الجسور
فبين البيتين لفظتان في التأليف:
ومن هذا الأسلوب قول أبي تمام:
برّزت في طلب المعالي واحدا ... فيها تسير مغوّرا ومنجّدا
عجب بأنّك سالم في وحشة ... في غاية ما زلت فيها مفردا «1»