لو حاكمتك فطالبتك بذحلها ... شهدت عليك ثعالب ونسور1
فهذا من المليح البديع الذي فضل به مسلم غيره في هذا المعنى، وكذلك فعل أبو الطيب المتنبي، فإنه لما انتهى الأمر إليه سلك هذه الطريق التي سلكها من تقدمه، إلا أنه خرج فيها إلى غير المقصد الذي قصدوه، فأغرب وأبدع وحاز الإحسان بجملته، وصار كأنه مبتدع لهذا المعنى دون غيره.
فمما جاء منه قوله:
تفدى أتم الطير عمرًا سلاحه ... نسور الملا أحداثها والقشاعم
وما ضرها خلق بغير مخالب ... وقد خلقت أسيافه والقوائم2
ثم أورد هذا المعنى في موضع آخر من شعره، فقال:
سحاب من العقبان ترجف تحتها ... سحاب إذا استسقت سقتها صوارمه3
وهذا معنى قد حوى طرفي الإغراب والإعجاب.