وأبو تمام جعل الموت في الحرب الذي هو غاية اجتهاد المجتهد في لقاء العدو قائما مقام الانتصار، وكلا المعنيين واحد, غير أن اللفظ مختلف.
وهذا الضرب في سرقات المعاني من أشكلها، وأدقها وأغربها، وأبعدها مذهبا، ولا يتفطن له ويستخرجه من الأشعار إلا بعض الخواطر دون بعض. وقد يجيء منه ما هو ظاهر لا يبلغ في الدقة مبلغ هذه الأبيات المشار إليها، كقول ابن المقفع في باب الرثاء من كتاب الحماسة:
فقد جر نفعا فقدنا لك أننا ... أمنا على كل الرزايا من الجزع1
وجاء بعده من أخذ هذا المعنى فقال:
وقد عزى ربيعة أن يوما ... عليها مثل يومك لا يعود
وهذا من البديع النادر.
وههنا ما هو أشد ظهورا من هذين البيتين في هذا الضرب من السرقات الشعرية، وذلك يأتي في الألفاظ المترادفة التي يقوم بعضها مقام بعض، وذاك لا اعتداد به لمكان وضوحه.