وحكي أنه لما فرغ المعتصم من بناء قصره بالميدان جلس فيه, وجميع أهله وأصحابه، وأمرهم أن يخرجوا في زينتهم، فما رأى الناس أحسن من ذلك اليوم، فاستأذن إسحاق بن إبراهيم الموصلي في الإنشاد، فأذن له، فأنشد شعرا حسنا أجاد فيه، إلا أنه استفتحه بذكر الديار وعفائها فقال:

يا دار غيرك البلى ومحاك ... يا ليت شعري ما الذي أبلاك

فتطير المعتصم بذلك، وتغامز الناس على إسحاق بن إبراهيم كيف ذهب عليه مثل ذلك مع معرفته وعلمه وطول خدمته للملوك، ثم أقاموا يومهم وانصرفوا، فما عاد منهم اثنان إلى ذلك المجلس وخرج المعتصم إلى سر من رأى، وخرب القصر1.

فإذا أراد الشاعر أن يذكر دارا في مديحه فليذكر كما ذكر أشجع السلمي حيث قال:

قصر عليه تحية وسلام ... خلعت عليه جمالها الأيام2

وما أجدر هذا البيت بمفتتح شعر إسحاق بن إبراهيم الذي أنشده للمعتصم، فإنه لو ذكر هذا أو ما جرى مجراه لكان حسنا لائقا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015