ومعنى ذلك أن هؤلاء القوم الذين هم أصحاب الإبل ذوو وجاهة وتقدم، ولهم وسم معلوم، فلما وردت إبلهم الماء عرفت بذلك الوسم، فأفرج لها الناس حتى شربت، وقد اتفق له أنه أتى في هذا البيت بالشيء وضده، وجعل أحدهما سببا للآخر، فصار غريبا عجيبا، وذاك أنه قال: سقيت بالنار، وقال: إن النار تشفي من الأوار، وهو العطش وهذا من محاسن ما يأتي في هذا الباب.
ومما يجري على هذا النهج قول أبي نواس في شجر الكرم:
لنا هجمة لا يدرك الذئب سخلها ... ولا راعها نزو الفحالة والخطر
إذا امتحنت ألوانها مال صفوها ... إلى الحو إلا أن أوبارها خضر1
ومن هذا القبيل قول بعضهم:
سبع رواحل ما ينخن من الونا ... شيم تساق بسبعة زهر
متواصلات لا الدءوب يملها ... باق تعاقبها على الدهر2
هذان البيتان يتضمنان وصف أيام الزمان ولياليه، وهي الأسبوع، فإن الزمان عبارة عنه، وذلك من الألغاز الواقعة في موقعها.
وعلى هذا الأسلوب ورد قول أبي الطيب المتنبي في السفن من جملة قصيدته التي مدح بها سيف الدولة عند ذكر عبوره الفرات وهي:
الرأي قبل شجاعة الشجعان
فقال: