العسكري، والغانمي، حتى إنه قال: إن كتب الفتوح وما جرى مجراها مما يقرأ على عوام الناس ينبغي أن تكون مطولة مطنبا فيها1.

وهذا القول فاسد؛ لأنه إن عنى بذلك أنها تكون ذات معان متعددة قد استقصى فيها شرح تلك الحادثة من فتح، أو غيره فذلك مسلم، وإن عني بذلك أنها تكون مكررة المعاني مطولة الألفاظ قصدًا لإفهام العامة، فهذا غير مسلم، وهو مما لا يذهب إليه من عنده أدنى معرفة بعلم الفصاحة والبلاغة.

ويكفي في بطلانه كتاب الله تعالى، فإنه لم يجعل لخواص الناس فقط، وإنما جعل لعوامهم وخواصهم، وأكثره لا بل جميعه مفهوم الألفاظ للعوام، إلا كلمات معدودة، وهي التي تسمى غريب القرآن، وقد تقدم الكلام على ذلك في المقالة الأولى المختصة بالألفاظ2.

وعلى هذا فينبغي أن تكون الكتب جميعها مما يقرأ على عوام الناس، وخواصهم ذات ألفاظ سهلة مفهومة، وكذلك الأشعار والخطب، ومن ذهب إلى غير ذلك، فإنه بنجوة عن هذا الفن.

وعلى هذا فإن الإطناب لا يختص به عوام الناس، وإنما هو للخواص كما هو للعوام.

وسأبين حقيقته في كتابي هذا، وأحقق القول فيه، بحيث تزول الشبهة التي خبط أرباب علم البيان من أجلها، وقالوا أقوالا لا تعرب عن فائدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015