...
النوع السادس عشر: في الإطناب
هذا النوع من الكلام أنعمت النظر فيه، وفي التكرير، وفي التطويل، فملكتني حيرة الشبه بينها طويلًا، وكنت في ذلك كعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الكلالة، حيث قال: قد أعياني أمر الكلالة1، وكنت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها كثيرًا، حتى ضرب في صدري، وقال: "ألا يكفيك آية الصيف"؟
وبعد أن أنعمت نظري في هذا النوع الذي هو "الإطناب"، وجدته2 ضربا من ضروب التأكيد التي يؤتى بها في الكلام قصدًا للمبالغة، ألا ترى أنه ضرب مفرد من بينها برأسه لا يشاركه فيه غيره؛ لأن من التأكيد ما يتعلق بالتقديم والتأخير، كتقديم المفعول، وبالاعتراض، كالاعتراض بين القسم وجوابه، وبين المعطوف والمعطوف عليه، وأشباه ذلك وسيأتي الكلام عليه في بابه.
وهذا الضرب الذي هو الإطناب ليس كذلك.
اختلاف علماء البيان في الإطناب:
ورأيت علماء البيان قد اختلفوا فيه، فمنهم من ألحقه بالتطويل الذي هو ضد الإيجاز3، وهو عنده قسم غيره، فأخطأ من حيث لا يدري، كأبي هلال