ومما انتهى إلي من أخبار ابن المزرع1، قال: سمعت الجاحظ يقول: لا أعرف شعرا يفضل هذه الأبيات التي لأبي نواس، ولقد أنشدتها أبا شعيب القلال، فقال: والله يا أبا عثمان، إن هذا لهو الشعر، ولو نقر لطن، فقلت له: ويحك! ما تفارق عمل الجرار والخزف!

ولعمري إن الجاحظ عرف فوصف وخبر فشكر، والذي ذكره هو الحق.

وعلى هذا الأسلوب جاء قول أبي تمام2:

إن القوافي والمساعي لم تزل ... مثل النظام3 إذا أصاب فريدا

هي جوهر نثر فإن ألفته ... بالشعر صار قلائدا وعقودا

في كل معترك وكل مقامة ... يأخذن منه ذمة وعهودا

فإذا القصائد لم تكن خفراءها ... لم ترض منها مشهدا مشهودا

من أجل ذلك كانت العرب الألى ... يدعون هذا سوددا محدودا

وتند عندهم العلا إلا علا ... جعلت لها مرر القريض4 قيودا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015