بلى هارب ما يهتدي لمكانه ... ظلام ولا ضوء من الصبح ساطع

فهذا هو الكلام الذي ألفاظه وفاق معانيه، فإنه قد اشتمل على مدح رجل بشمول ملكه وعموم سلطانه، وأنه لا مهرب عنه لمن يحاوله، وإن صعد السماء، ثم ذكر جميع المهارب في المشارق والمغارب، وأشار إلى أنه يبلغ الظلام والضياء، وذلك مما لم تزد عبارته على المعنى المندرج تحته، ولا قصرت عنه.

ومن هذا الضرب قول أبي النواس1، وهو من نادر ما يأتي في هذا الموضع:

ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس

مساحب من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان2 جني ويابس

حبست بها صحبي فجددت عهدهم ... وإني على أمثال تلك لحابس

تدار3 علينا الراح في عسجدية ... حبتها بأنواع التصاوير فارس

قراراتها4 كسرى وفي جنباتها ... مها تدريها5 بالقسي الفوارس

فللراح6 ما زرت عليه جيوبها7 ... وللماء ما دارت عليه القلانس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015