ومجيء المشيئة بعد "لو"، وبعد حروف الجزاء هكذا موقوفة غير معداة إلى شيء كثير شائع بين البلغاء.

ولقد تكاثر هذا الحذف في "شاء" و"أراد" حتى إنهم لا يكادون يبرزون المفعول، إلا في الشيء المستغرب، كقوله تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} 1.

على هذا الأسلوب جاء قول الشاعر2:

ولو شئت أن أبكي دما لبكيته ... عليه ولكن ساحة الصبر أوسع3

فلو كان على حد قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} لوجب أن يقول: ولو شئت لبكيت دمًا، ولكنه ترك تلك الطريقة وعدل إلى هذه؛ لأنه أليق في هذا الموضع، وسبب ذلك أنه كان بدعا عجيبا أن يشاء الإنسان أن يبكي دما، فلما كان مفعول المشيئة مما يستعظم، ويستغرب كان الأحسن أن يذكر ولا يضمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015