فقوله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} يحتاج إلى تقدير الفعل المضمر.
وكذلك ورد قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} 1، فقوله: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ} ، لا بد له من إضمار القول، أي: وقلنا له: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} .
ومن هذا الضرب: إيقاع الفعل على شيئين، وهو لأحدهما، كقوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} 2.
وهو3 لأمركم وحده، وإنما المراد أجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم؛ لأن معنى "أجمعوا" من "أجمع الأمر"، إذا نواه، وعزم عليه.
وقد قرأ أبي -رضي الله عنه: "فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم"، وهذا دليل على ما أشرت إليه، وكذلك هو مثبت في مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه4.
ومن حذف الفعل باب يسمى "باب إقامة المصدر مقام الفعل".
وإنما يفعل ذلك لضرب من المبالغة والتوكيد، كقوله تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} 5، قوله: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} ، أصله: فاضربوا الرقاب