ومن التشبيهات الباردة قول أبي الطيب المتنبي1:
وجرى على الورق النجيع القاني2 ... فكأنه النارنج في الأغصان
وهذا تشبيه ينكره أهل التجسيم، وإذا قسمت التشبيهات بين البعد، والبرد حاز طرفي ذلك التقسيم.
وأبشع من هذا قول أبي نواس3 في الخمر:
كأن بواسار4 رواكد حولها ... وزرق سنانيرٍ تدير عيونها
والعجب أنه يقول مثل هذا الغث الذي لا ملاءمة بينه، وبين ما شبه به، ويقرنه بالبديع الذي أحسن فيه وأبدع، وهو:
كأنا حلولٌ بين أكناف روضةٍ ... إذا ما سلبناها مع الليل طينها
فانظر كيف قرن بين ورده وسعدانه، لا بل بين بعرة ومرجانة.
وقد أكثر في تشبيه الخمر، فأحسن في موضع وأساء في موضع، ومن إساءته قوله أيضًا في أبيات لامية5: