"وأحاط بها العدو إحاطة الشفاه بالثغور، ونزل عليها نزول الظلماء على النور".
وهذا من التشبيهات المناسبة.
ثم لما جئت إلى ذكر قتال المسلمين إياه، وإزالته عن جانب الثغر قلت:
"وقد اصطدم من الإسلام والكفر ابنا شمام1، والتقى من عجاجتهما ظلام، وعند ذلك أخذ العدو في التحيز إلى جانب، وكان كحاجب على عين، فصار كعين في حاجب، وإذا تزعزع البناء فقد هوى، وإذا قبض من طرق البساط، فقد انطوى"، وهذا التشبيه في مناسبته كالأول، بل أحسن.
ومن ذلك ما ذكرنه في فصل من كتاب إلى بعض الإخوان، فقلت:
"وما شبهت كتابه في وروده وانقباضه، إلا بنظر الحبيب في إقباله، وإعراضه وكلا الأمرين كالسهم في ألم وقعه وألم نزعه، والمشوق من استوت صبابته في حالتي وصله وقطعه، وما أزال على وجل من إرسال كتبه وإجمامها، واشتباه لممها بإلمامها".
ومما جاء من هذا القسم في الشعر قول بكر بن النطاح2:
تراهم ينظرون إلى المعالي ... كما نظرت إلى الشيب الملاح
يحدون العيون إلي شذرًا ... كأني في عيونهم السماح
وهذا بديع في حسنه، بليغ في تشبيهه.