فالجواب عن ذلك أنا نقول1: هذا الموضع قد سبق إلى التشبث به من لم ينعم النظر فيه، ولا أرى ما رآه القوم، وإنما ذلك لجفاء طبع الناظر، وعدم معرفته وهو أن في قول هذا الشاعر: "كل حاجة" مما يستفيد منه أهل النسيب والرقة "وذوو"2 والأهواء، والمقة ما لا يستفيد غيرهم، ولا يشاركهم فيه من ليس منهم.

ألا ترى أن حوائج منىً أشياء كثيرة؟ فمنها التلاقي، ومنها التشاكي، ومنها التخلي للاجتماع، إلى غير ذلك مما هو تالٍ له ومعقود الكون به، فكأن الشاعر صانع عن هذا الموضع الذي أومأ له، وعقد غرضه عليه، بقوله في آخر البيت: "ومسح بالأركان من هو ماسح" أي: إنما كانت حوائجنا التي قضيناها وآرابنا3 التي بلغناها من هذا النحو الذي هو مسح الأركان، وما هو لاحق به، وجارٍ في القرية من الله مجراه: أي لم نتعد هذا القدر المذكور إلى ما يحتمله أول البيت من التعريض الجاري مجرى التصريح.

وأما البيت الثاني: فإن فيه "أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا"، وفي هذا ما تذكره لتعجب به، وبمن عجب منه، ووضع من معناه!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015