تحسينها، ليكون ذلك أوقع لها في النفس، وأذهب بها في الدلالة على القصد.

ألا ترى أن الكلام إذا كان مسجوعًا لذ لسامعه فحفظه، وإذا لم يكن مسجوعًا لم يأنس به أنسه في حالة السجع؟

فإذا رأيت العرب قد أصلحوا ألفاظهم، وحسنوها ورققوا حواشيها، وصقلوا أطرافها، فلا تظن أن العناية إذا ذاك إنما هي بألفاظ فقط، بل هي خدمة منهم للمعاني، ونظير ذلك إبراز صورة الحسناء في الحلل الموشية والأثواب المحبرة، فإنا قد نجد من المعاني الفاخرة ما يشوه من حسنة بذاذة لفظه، وسوء العبارة عنه.

فإن قيل: إنا نرى من ألفاظ العرب ما قد حسنوه وزخرفوه، ولسنا نرى تحته مع ذلك معنى شريفًا، فمما جاء منه قول بعضهم1:

ولما قضينا من منىً كل حاجةٍ ... ومسح بالأركان من هو ماسح

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح

ألا ترى إلى حسن هذا اللفظ وصقالته، وتدبيج أجزائه؟ ومعناه مع ذلك ليس مدانيًا له ولا مقاربًا، فإنه إنما هو: لما فرغنا من الحج ركبنا الطريق راجعين وتحدثنا على ظهور الإبل، ولهذا نظائر شريفة الألفاظ خسيسة المعاني2؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015