ومن معانيه المبتدعة قوله1:

فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال

وأحسن من ذلك قوله2:

صدمتهم بخميسٍ أنت غرته ... وسمهريته في وجهه غمم3

فكان أثبت ما فيهم جسومهم ... يسقطن حولك والأرواح تنهزم

وهذا من أعاجيب أبي الطيب التي برز فيها على الشعراء.

ومن الإحسان في هذا الباب قول بعضهم:

وقد أشق الحجاب الصعب مأربه ... دوني وآبى ولولجًا فيه إن طرقا

كالطيف يأبى دخول الجفن منفتحًا ... وليس يدخله إلا إذا انطبقا

ورأيتُ ابن حمدون البغدادي4 صاحب كتاب "التذكرة" قد أورد هذين البيتين في كتابه، وقال: قد أغرب هذا الشاعر ولكنه خلط، وجرى على عادة الشعراء؛ لأن الطيف لا يدخل الجفن، وإنما يتخيل إلى النفس.

وهذا كلام من لم يطعم من شجرة الفصاحة والبلاغة، وليس مثله عندي، إلا كما يحكى عن ملك الروم، إذ أنشد عنده بيت المتنبي الذي هو:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015