وقد قيل: إن أبا تمام أكثر الشعراء المتأخرين ابتداعًا للمعاني، وقد عدت معانيه المبتدعة، فوجدت ما يزيد على عشرين معنى.
وأهل هذه الصناعة يكبرون ذلك، وما هذا من مثل أبي تمام بكبير، فإني أنا عددت معاني المبتدعة التي وردت في مكاتباتي، فوجدتها أكثر من هذه العدة، وهي مما لا أنازع فيه، ولا أدافع عنه!
فأما ما ورد لأبي تمام فمن ذلك قوله1:
يأيها الملك النائي برؤيته ... وجوده لمراعي جوده كثب
ليس الحجاب بمقصٍ عنك لي أملًا ... إن السماء ترجى حين تحتجب
وكذلك قوله:
رأينا الجود فيك وما عرضنا ... لسجلٍ منه بعد ولا ذنوب
ولكن دارة القمر استتمت ... فدلتنا على مطر قريب
وكذلك قوله في الهجاء2:
وأنت تدير قطب رحًا مليا ... ولم نر للرحا العلياء قطبا
ترى ظفرًا بكل صراع قرنٍ ... إذا ما كنت أسفل منه كعبا3