كحلاء في برجٍ صفراء في دعجٍ ... كأنَّها فضَّة قد مسَّها ذهب1
وصدر هذا البيت مرصَّع، وعجزه خالٍ من الترصيع، وعذر الشاعر في ذلك واضح؛ لأنه مقيَّد بالوقوف مع الوزن والقافية، ألا ترى أن ذا الرمة بنى قصيدته على حرف الباء، ولو رصَّع هذا البيت الترصيع الحقيقيّ لكان يلزمه أن يأتي بألفاظه على حرفين حرفين, أحدهما الباء, أو كان يقسم البيت نصفين, ويماثل بين ألفاظ هذا النصف وهذا النصف، وذلك مما يعسر وقوعه في الشعر.
وأرباب هذه الصناعة قد قسَّموا الترصيع إلى هذين القسمين المذكورين، وهذه القسمة لا أراها صوابًا، لأنَّ حقيقة الترصيع موجودة في القسم الأول دون الثاني.
ومما جاء من هذا القسم الثاني قول الخنساء:
حامي الحقيقة محمود الخليقة مهـ ... ـدي الطريقة نفَّاعٌ وضرَّار2
وكذلك قول الآخر3:
سودٌ ذوائبها بيضٌ ترائبها ... محضٌ ضرائبها صيغت من الكرم