قلت: فِيهَا التَّنْبِيه على جَوَاز إصغاء الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاة، إِلَى الْخطاب الْخَفِيف، وتفهمه، والتربّص فِي أَثْنَائِهَا لحق غَيره، ولغير مَقْصُود الصَّلَاة. فَيُؤْخَذ من هَذَا صِحَة انْتِظَار الإِمَام فِي الرُّكُوع للداخل، حَتَّى يدْرك الْإِحْرَام والركعة مَعَه، إِذا كَانَ ذَلِك خَفِيفا، ويضعف القَوْل بِإِبْطَال الصَّلَاة بذلك. بِنَاء على أَن الإطالة، وَالْحَالة هَذِه، أَجْنَبِيَّة عَن مَقْصُود الصَّلَاة. وَهَذَا كُله على أَن النِّسَاء قيل لَهُنَّ فِي الصَّلَاة: لَا ترفعن رؤسكن حَتَّى يَسْتَوِي الرِّجَال. وَيكون الْقَائِل فِي غير صَلَاة. وَإِن كَانَ مَالك قد نَص فِي مَشْهُور قَوْله على أَن الإِمَام لَا يُطِيل، لإدراك أحد. وَقَالَ سَحْنُون: إِن فعل أبطل فَيَنْبَغِي أَن يحملهُ من قَوْلهمَا على الإطالة المتفاحشة لَا المتقاربة. وَالله أعلم بمرادهما من ذَلِك.
فِيهِ ابْن عَبَّاس: قَالَ أَبُو لَهب للنَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : تَبًّا لَك سَائِر الْيَوْم، فَنزلت: {تبت يدا أبي لَهب وَتب} [المسد: 1] .
إِن قلت: هَل أَرَادَ فِي التَّرْجَمَة الْعُمُوم، حَتَّى فِي الْفَاسِق، وَالْكَافِر أَو الْخُصُوص بالكافر؟ .
قلت: يحْتَمل أَن يُرِيد الْخُصُوص، فتطابق الْآيَة التَّرْجَمَة. وَيحْتَمل أَن يُرِيد الْعُمُوم، قِيَاسا لمُسلم المجاهر بِالشَّرِّ على الْكَافِر، لِأَن الْمُسلم الْفَاسِق لَا غيبَة فِيهِ. وَقد حمل بَعضهم على البُخَارِيّ، أَنه أَرَادَ الْعُمُوم، فَظن بِهِ النسْيَان لحَدِيث أنس الْمُتَقَدّم: " مر بِجنَازَة ". الحَدِيث.