وَفِيه ابْن عمر: وَقت النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- قرنا لأهل [نجد] ، والجحفة لأهل الشَّام، وَذَا الحليفة لأهل الْمَدِينَة.

وَبَلغنِي أَن النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- قَالَ: وَلأَهل الْيمن يَلَمْلَم، وَذكر لَهُ الْعرَاق، فَقَالَ: لم يكن عراق يَوْمئِذٍ.

قلت: رضى الله عَنْك! ذكر هَذِه التَّرْجَمَة فِي " كتاب الِاعْتِصَام "، فساق فِيهَا الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي تَضَمَّنت ذكر مَا يسْتَحق أَن يعتصم بِهِ، ويتيمّن من بقْعَة تخْتَار للسُّكْنَى، وتقصد للبركة، ويعتمد على أَهلهَا فِي أَحْكَام الْملَّة، ونوازل الدّين كالمدينة.

وَحَدِيث ابْن عَوْف أقعد بِهَذَا الْمَعْنى، فَإِن الْمَدِينَة عَادَتْ عَلَيْهَا وعَلى أَهلهَا بركَة النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- حَيا وَمَيتًا، حَتَّى حركاته الجبلية، فضلا عَن الشَّرْعِيَّة تفيدها خُصُوصِيَّة، وتزيدها مزية، مثل خُرُوجه إِلَى " العوالي " على الْوَجْه الَّذِي صَارَت مسافتها معلما من معالم الصَّلَاة. وَلذكر دَار فلَان الَّذِي اشتهرت مبانيها فِي هَذَا الحَدِيث فَصَارَت مشهداً للصَّلَاة.

وعَلى الْجُمْلَة فَإِذا كَانَت مواطنها ومساكنها مفضلة مقتدى بهَا فِي الْأَحْكَام مَوَاقِيت ومشاهد. فَكيف ساكنها وعالمها؟ .

فَإِذا كَانَ جبلها قد تميزّ على الْجبَال. فَكيف لَا يتَمَيَّز عالمها على الْعلمَاء فِي مزية الْكَمَال؟ وَإِذا عَادَتْ بركَة كَون النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- على الجمادات بالسعادات فَكيف لَا تعود بركته على أهل الديانَات بالمزايا والزيادات؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015