فِيهِ أنس: قَالَ لأحدثكم حَدِيثا لَا يُحَدثكُمْ أحد بعدِي، سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يقل الْعلم، وَيظْهر الْجَهْل، وَيظْهر الزِّنَا، وتكثر النِّسَاء، ويقل الرِّجَال حَتَّى يكون لخمسين امْرَأَة الْقيم الْوَاحِد.
قَالَ الْفَقِيه - رَضِي الله عَنهُ - إِن قلت مَا وَجه مُطَابقَة قَول ربيعَة لرفع الْعلم؟ .
قلت: وَجههَا أَن صَاحب الْفَهم إِذا ضيع نَفسه فَلم يتَعَلَّم، أفْضى إِلَى رفع الْعلم، لِأَن البليد لَا يقبل الْعلم، فَهُوَ عَنهُ مُرْتَفع. فَلَو لم يتَعَلَّم الْفَهم لارتفع الْعلم عَنهُ أَيْضا، فيرتفع عُمُوما، وَذَلِكَ من الأشراط الَّتِي لَا تقارن فِي الْوُجُود إلاَّ شرار الْخلق. فعلى النَّاس أَن يتوقوها مَا أمكن.
فِيهِ ابْن عمر - رَضِي الله عَنهُ -: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بَينا أَنا نَائِم، أُوتيت بقدح لبن، فَشَرِبت حَتَّى إنيّ لَا أرى الرىَّ يخرج من أظفاري. ثمَّ أعطيتُ فضلي عمر ابْن الْخطاب. قَالُوا: فَمَا أوّلته يَا رَسُول الله! قَالَ: الْعلم.
قَالَ الْفَقِيه - رَضِي الله عَنهُ -: إِن قلت: مَا وَجه الْفَضِيلَة فِي الحَدِيث؟
قلت: لِأَنَّهُ عبر عَن الْعلم بِأَنَّهُ فضلَة النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وَنصِيب مِمَّا آتَاهُ الله.