وَقد اشْترط عمر - رَضِي الله عَنهُ - لَا جنَاح على من وليه أَن يَأْكُل وَقد يلى الْوَاقِف وَغَيره. وَكَذَلِكَ كل من جعل بَدَنَة أَو شَيْئا لله، فَلهُ أَن ينْتَفع بهَا كَمَا ينْتَفع غَيره، وَإِن لم يشْتَرط.
فِيهِ أنس: إِن النَّبِي _[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]_ رأى رجلا يَسُوق بدنه فَقَالَ لَهُ: اركبها. فَقَالَ: يَا رَسُول الله {: إِنَّهَا بَدَنَة. فَقَالَ - فِي الثَّالِثَة أَو فِي الرَّابِعَة اركبها وَيلك _ أَو وَيحك ".
قلت: رضى الله عَنْك} بنى البُخَارِيّ - رَحْمَة الله - فِي مُطَابقَة حَدِيث عمر للتَّرْجَمَة أَن الْمُخَاطب يدْخل فِي خطابه، وَهُوَ أصل مُخْتَلف فِيهِ. وَمَالك - رَحمَه الله - فِي مثل هَذَا يحكم بِالْعرْفِ، حَتَّى يخرج غير الْمُخَاطب أَيْضا من الْعُمُوم لقَرِينَة عرفية. كَمَا إِذا أوصى بِمَال للْمَسَاكِين، وَله أَوْلَاد، فَلم يقسم حَتَّى افْتقر أَوْلَاده. فَابْن الْقَاسِم يمْنَع الْأَوْلَاد وَإِن كَانُوا مَسَاكِين، لِأَن الْعرف فِي الْإِطْلَاق الْأَجَانِب.
ولمطرف أَنهم يُعْطون. وَلابْن الْمَاجشون أَنهم يُعْطون وَإِن كَانُوا يَوْم أوصى أَغْنِيَاء ثمَّ افتقروا. وَلَا يُعْطون إِذا كَانُوا يَوْم الْوَصِيَّة مَسَاكِين.
وَلَو وقف على الْمَسَاكِين فافتقر أَوْلَاده فَلم يخْتَلف قَوْلهم أَن يُعْطون بالمسكنة، وَلَكِن قَالَ: يجب إِدْخَال الْأَجَانِب مَعَهم، لِئَلَّا يندرس الْوَقْف، وَيكْتب على الْأَوْلَاد كتابا أَنهم بالمسكنة الْعَامَّة قبضوا، لَا بِخُصُوص الْقَرَابَة.