قَالَت: خرج أَبُو زرع والأوطاب تمخض، فلقى امْرَأَة مَعهَا ولدان لَهَا كالفهدين يلعبان من تَحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها. فنكحت بعده رجلا سرياً. ركب شريا، وَأخذ خطياً، واراح علىّ نعما ثرّيا، وَأَعْطَانِي كلّ رَائِحَة زوجا. وَقَالَ: كلي أم زرع، وميرى أهلك.
قَالَت: فَلَو جمعت كل شَيْء أعطانيه مَا بلغ أصغرانية أبي زرع.
قَالَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فَقَالَ لي رَسُول الله -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-: كنت لَك يَا عَائِشَة كَأبي زرعٍ لأم زرع.
وَفِيه عَائِشَة: كَانَ الْحَبَش يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ. فسترني رَسُول الله -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- وَأَنا أنظر. فَمَا زلت أنظر حَتَّى كنت أَنا أنصرف، فاقدروا قدر الْجَارِيَة الحديثة السن تسمع اللَّهْو.
قلت: رَضِي الله عَنْك! نبّه بِهَذِهِ التَّرْجَمَة على أَن إِيرَاد هَذِه الْحِكَايَة من النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- لَيْسَ خلياً عَن فَائِدَة شَرْعِيَّة، بل مُشْتَمِلًا عَلَيْهَا. وَتلك الْفَائِدَة: الْإِحْسَان فِي معاشرة الْأَهْل كَمَا ندب الله سُبْحَانَهُ إِلَيْهِ. وَفِي بعض طرقه أَنه قَالَ لَهَا: كنت لَك كَأبي زرع لأم زرع غير أَنِّي لَا أطلقك.