لرَسُول الله -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- إداوةً، على فِيهَا خرقَة. فَصَبَبْت على اللَّبن حَتَّى برد أَسْفَله فانتهيت إِلَى النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- فَقلت: اشرب يَا رَسُول الله -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- فَشرب حَتَّى رضيت.
قلت: رَضِي الله عَنْك! أَدخل البُخَارِيّ متن هَذَا الحَدِيث فِي أَبْوَاب اللّقطَة، تَنْبِيها على أَن الْمُبِيح للبن فِي حق النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- وَالْحَالة هَذِه - أَن اللَّبن فِي حكم الضائع الْمُسْتَهْلك، لِأَن الْغنم فِي الصَّحرَاء وَلَيْسَ مَعهَا سوى رَاع وَمَا عَسى هَذَا الرَّاعِي يشرب من لَبنهَا. فالفاضل عَن شربه مستهلك، لَا مَالِيَّة فِيهِ لصَاحبه. فَهُوَ كالسوط الَّذِي اغتفر الْتِقَاطه، وكالتمرة وَأَعْلَى أَحْوَاله أَن يكون كالشاة اللّقطَة فِي المضيعة. وَقد قَالَ فِيهَا: هِيَ لَك، أَو لأخيك أَو للذئب.
وَكَذَلِكَ هَذَا اللَّبن هُوَ إِن لم يحتلب مستهلك على كل حَال. فَلهَذَا استباحه، لَا لِأَنَّهُ مَال حربىّ إِذْ الْغَنَائِم لم تكن أحلّت بعدٌ. وَلَا لِأَنَّهُ بِالْعَادَةِ مسموح فِيهِ، لِأَن هَذَا لَيْسَ على إِطْلَاقه عَادَة. وَالله أعلم.
فِيهِ عَائِشَة: {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا فَلَا