فِيهِ سهل: أَتَى النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- بقدح فَشرب، وَعَن يَمِينه غُلَام وَهُوَ أحدث الْقَوْم، والأشياخ عَن يسَاره. فَقَالَ: يَا غُلَام أتأذن لي أَن أعطي الْأَشْيَاخ؟ فَقَالَ: مَا كنت أوثر نَصِيبي مِنْك أحدا. فَأعْطَاهُ إِيَّاه.
وَفِيه أَبُو هُرَيْرَة: عَن النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأذودنّ رجَالًا عَن حَوْضِي، كَمَا تذاد الغريبة من الْإِبِل عَن الْحَوْض.
وَفِيه ابْن عَبَّاس: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- رحم الله أم إِسْمَعِيل {لَو تركت زَمْزَم أَو لم تغرف من المَاء - لكَانَتْ عينا معينا. وَأَقْبل جرهم فَقَالُوا. أَتَأْذَنِينَ أَن ننزل عنْدك؟ قَالَت: نعم} وَلَا حق لكم فِي المَاء، قَالُوا: نعم.
وَفِيه أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله - الحَدِيث - وَرجل منع فضل مَاء فَيَقُول الله: " الْيَوْم أمنعك فضلي كَمَا منعت فضل مَا لم تعْمل يداك ".
قلت: رَضِي الله عَنْك! انتقد الْمُهلب عَلَيْهِ الِاسْتِدْلَال بِحَدِيث الْغُلَام والأشياخ على أَن صَاحب المَاء أَحَق بِهِ. وَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ إِلَّا أنّ الْأَيْمن أحقّ من صَاحب الْقدح فِي أَن يُعْطِيهِ غَيره. واستدلال البُخَارِيّ ألطف من ذَلِك، لِأَنَّهُ إِذا اسْتَحَقَّه الْأَيْمن فِي هَذِه الْحَالة بِالْجُلُوسِ، واختصّ بِهِ فَكيف لَا يخْتَص بِهِ صَاحب الْيَد والمتسبب فِي تَحْصِيله؟ وظنّ أَن وَجه الدَّلِيل من حَدِيث الْقِيَامَة قَوْله: " لأذودن رجَالًا عَن حَوْضِي " فَقَالَ: هَذَا وَجه الدَّلِيل على اخْتِصَاص صَاحب الْحَوْض بمائه. وَهُوَ وهم. فَإِن تَنْزِيل أَحْكَام التكاليف على وقائع الْآخِرَة غير مُمكن.