لَا أحملكم على شَيْء. ووافقته وَهُوَ غَضْبَان فَلَمَّا انتبه، قَالَ: انْطلق إِلَى أَصْحَابك. فَقَالَ: إِن الله عز وجلّ، أوإن رَسُوله يحملكم.
وَفِيه عَائِشَة: حِين قَالَ لَهَا أهل الأفك مَا قَالُوا، فبرأها الله. وَكَانَ أَبُو بكر ينْفق على مسطح لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ. فَقَالَ: وَالله لَا أنْفق على مسطح شَيْئا بعد الَّذِي قَالَ لعَائِشَة فَأنْزل الله سُبْحَانَهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى} [النُّور: 22] . قَالَ أَبُو بكر: بلَى وَالله إِنِّي لأحب أَن يغْفر الله لي.
فَرجع إِلَى مسطح النَّفَقَة الَّتِي كَانَ ينْفق عَلَيْهِ. وَقَالَ: وَالله لَا أَنْزعهَا مِنْهُ أبدا.
وَفِيه أَبُو مُوسَى: أتيت النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- فِي نفر من الْأَشْعَرِيين فوافقته وَهُوَ غَضْبَان فاستحملته فَحلف أَن لَا يحملنا. ثمَّ قَالَ: وَالله إِن شَاءَ الله لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا، إِلَّا أتيت الَّذِي هُوَ خير. وتحللتها.
قلت: رَضِي الله عَنْك! حَدِيث أبي مُوسَى يُطَابق الْيَمين فِيمَا لَا يملك. قَالَ الشَّارِح. لِأَنَّهُ لم يكن يملك ظهرا يحملهم عَلَيْهِ. فَلَمَّا طَرَأَ الْملك حملهمْ. وَفهم عَن البُخَارِيّ أَنه نحا نَاحيَة تَعْلِيق الطَّلَاق قبل ملك الْعِصْمَة، أَو الحرّية قبل ملك الرَّقَبَة. وَالظَّاهِر من قصد البُخَارِيّ غير هَذَا، وَهُوَ أَن النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- حلف أَن لَا يحملهم، فَلَمَّا حملهمْ وراجعوه فِي يَمِينه. قَالَ: مَا أَنا حملتكم وَلَكِن الله حملكم. فبيّن أَن يَمِينه إِنَّمَا انْعَقَدت فِيمَا يملكهُ، لأَنهم سَأَلُوهُ أَن يحملهم. وَإِنَّمَا سَأَلُوهُ ظنا أَنه يملك حملانا فَحلف لَا يحملهم على شَيْء يملكهُ لعدم الْملك حِينَئِذٍ. كأنّه قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَام - وَالله مَا أملكت حملانا فَكيف أحملكم؟ وَالَّذِي حملكم عَلَيْهِ مَال الله لَا ملكه الْخَاص.