فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الشُّهَدَاء خَمْسَة: المطعون، والمبطون، وَالْغَرق، وَصَاحب الْهدم، والشهيد فِي سَبِيل الله.
وَفِيه أنس: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : الطَّاعُون شَهَادَة لكل مُسلم.
قلت: رَضِي الله عَنْك! أشكل على الشَّارِح مُطَابقَة التَّرْجَمَة لحَدِيث: " الشُّهَدَاء خَمْسَة ". فَقَالَ: هَذَا دَلِيل أَن البُخَارِيّ مَاتَ وَلم يهذب كِتَابه. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يدْخل فِي التَّرْجَمَة حَدِيث مَالك - رَحمَه الله -.
وَفِيه: " أَن الشُّهَدَاء سَبْعَة سوى الْقَتْل فِي سَبِيل الله " فأعجلته الْمنية.
وَيحْتَمل عِنْدِي أَن يكون البُخَارِيّ أَرَادَ التنّبيه على أَن الشَّهَادَة لَا تَنْحَصِر فِي الْقَتْل، بل لَهَا أَسبَاب أخر. وَتلك الْأَسْبَاب أَيْضا اخْتلفت الْأَحَادِيث فِي عَددهَا. فَفِي بَعْضهَا خَمْسَة، وَهُوَ الَّذِي صَحَّ عِنْد البُخَارِيّ، وَوَافَقَ شَرطه. وَفِي بَعْضهَا سَبْعَة. وَلم يُوَافق شَرط البُخَارِيّ، فنبه عَلَيْهِ فِي التَّرْجَمَة، إِيذَانًا بِأَن الْوَارِد فِي عَددهَا من الْخَمْسَة أَو السَّبْعَة. لَيْسَ على معنى التَّحْدِيد الَّذِي لَا يزِيد وَلَا ينقص. بل هُوَ إِخْبَار عَن خُصُوص فِيمَا ذكر الله. وَالله أعلم بحصرها.