{وَعَمَّاتُكُمْ} [النساء: 23].
وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَخَوَاتُ الْأَبِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَالْخَامِسُ الْخَالَاتُ تَثْبُتُ حُرْمَتُهُنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَالَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَخَوَاتُ الْأُمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَالسَّادِسُ بَنَاتُ الْأَخِ تَثْبُتُ حُرْمَتُهُنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَنَاتُ الْأَخِ} [النساء: 23] وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بَنَاتُ الْأَخِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَالسَّابِعُ بَنَاتُ الْأُخْتِ تَثْبُتُ حُرْمَتُهُنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23] وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَوَّلًا بَنَاتُ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَأَمَّا السَّبْعُ اللَّاتِي مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ الْأُمَّهَاتُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالْأَخَوَاتُ تَثْبُتُ حُرْمَتُهُنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالرَّضَاعِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا يَثْبُتُ بِالنَّسَبِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ». وَالثَّالِثُ أُمُّ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا ثَبَتَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23]، وَهَذِهِ الْحُرْمَةُ تَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا، وَكَانَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ وَابْنُ شُجَاعٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالدُّخُولِ بِالْبِنْتِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَمَذْهَبُنَا مَذْهَبُ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ نَاظَرَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَذْهَبُهُمْ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةِ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّرْطَ وَالِاسْتِثْنَاءَ إذَا تَعَقَّبَ كَلِمَاتٍ مَنْسُوقَةً بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ يَنْصَرِفُ إلَى جَمِيعِ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ، وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِ ابْنَتُهَا إنْ دَخَلَ بِهَا»، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَقُولُ: أُمُّ الْمَرْأَةِ مُبْهَمَةٌ فَأَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ اللَّهُ بَيَّنَ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ يَنْصَرِفُ إلَى الرَّبَائِبِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لُغَةً فَالنِّسَاءُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] مَخْفُوضَةٌ بِالْإِضَافَةِ، وَفِي قَوْلِهِ {مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] مَخْفُوضٌ بِحَرْفِ " مِنْ " وَالْمَخْفُوضَاتُ بِأَدَاتَيْنِ لَا يُنْعَتَانِ بِنَعْتٍ وَاحِدٍ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَقُولَ مَرَرْتُ بِزَيْدٍ إلَى عَمْرٍو الظَّرِيفَيْنِ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ الْمَعْمُولَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ بِعَامِلَيْنِ فَلَوْ جَعَلْنَا قَوْلَهُ {وَرَبَائِبُكُمْ} [النساء: 23] ابْتِدَاءً عَطْفًا لَصَارَ قَوْلُهُ {مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] مَخْفُوضًا بِحَرْفِ مِنْ وَبِالْإِضَافَةِ جَمِيعًا، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَعَرَفْنَا أَنَّ قَوْلَهُ {وَرَبَائِبُكُمْ} [النساء: 23] ابْتِدَاءً بِحَرْفِ الْوَاوِ وَأَنَّ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ مُبْهَمَةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَأَمَّا حُرْمَةُ الرَّبِيبَةِ وَهِيَ بِنْتُ الْمَرْأَةِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ إلَّا بِالدُّخُولِ بِالْأُمِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23]، وَلِأَنَّ الرَّبَائِبَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْأُمَّهَاتِ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ أُمَّ الزَّوْجَةِ تَبْرُزُ إلَى زَوْجِ بِنْتِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا بِنْتُ الْمَرْأَةِ